القاهرة– سلطت الترتيبات السياسية لأبرز كيانات الموالاة بمصر، في فندق كمبنسكي الشهير بالعاصمة القاهرة، واجتماعات قيادات المقاومة الفلسطينية في الأيام الأخيرة في فنادق من أشهرها الفيرومونت والماسة والفورسيزون وسفير، الضوء على دور الفنادق المصرية التي تقارب 1510 فنادق في احتضان المشاورات السياسية الكبرى بالبلاد.
كانت الساعة الثالثة والنصف عصر 22 يونيو/حزيران 2012، في فندق فيرمونت بضاحية مصر الجديدة الراقية، قرب مطار القاهرة الدولي، عندما بدأ المؤتمر الصحفي لإعلان ما عرف بـ”اتفاق فيرمونت”، نسبة للفندق، بين الرئيس المصري الراحل محمد مرسي والعديد من القوى الوطنية المصرية، لإعلان “وثيقة شراكة في مشروع وطني جامع”.
واحتضن الفندق، في اليوم السابق للإعلان، اجتماعين سياسيين بين مرسي وقيادات القوى المدنية، في حين شارك في المؤتمر مجموعة من الرموز والشخصيات الوطنية والشبابية والأكاديمية، وبات علامة سياسية مهمة يرجع إليها في السجال بين المعارضين والمؤيدين لنظام مرسي.
“حزب” اتحاد القبائل
في الثالث من ديسمبر/كانون الأول الجاري، شهد فندق كمبنسكي بالقاهرة الجديدة، اجتماعا سياسيا بارزا، صاحبه ضجة كبرى مماثلة بالبلاد، لاتحاد القبائل والعائلات المصرية ناقش فيه سبل توسيع دور الاتحاد، وفق بيان رسمي، في حين ترددت أنباء عن مناقشة الاجتماع لترتيبات إعلان الاتحاد لكيان سياسي جديد محسوب على الموالاة.
وظهر في الترتيبات، بشكل لافت رجل الأعمال المصري، إبراهيم العرجاني -الذي تلاحقه انتقادات القوى المدنية المعارضة- كواحد من أبرز قادة الكيان الجديد، بجواره 6 وزراء سابقين، أبرزهم وزير الإسكان السابق والأمين العام اتحاد القبائل عاصم الجزار، بالإضافة إلى رئيس مجلس النواب السابق علي عبد العال.
وترتب على هذا اللقاء اجتماع تحضيري أكبر بمشاركة العديد من القوى السياسية والشخصيات العامة تحت عنوان “نلتقي، نتحاور، نتشارك من أجل مصر”، بحضور رئيس هيئة الاستعلامات التابعة لرئاسة الجمهورية والمنسق العام للحوار الوطني المصري ضياء رشوان، بجانب معظم المشاركين في اجتماع اتحاد القبائل والعائلات المصرية، في حين أسفر الاجتماع عن إعلان بدء إجراءات إنشاء حزب جديد يكون أساسه وطنيا و”ليس موالاة ولا معارضة”.
ويرى الناشط السياسي أمير عيسى، في حديثه للجزيرة نت، أن مقرات الأحزاب المصرية غير ملائمة لاستيعاب أعداد كبيرة، مما يعزز فرص الفنادق الكبرى لاستيعاب الاجتماعات السياسية الكبيرة.
فندق الماسة
ويعد فندق الماسة من أبرز الفنادق الحكومية السيادية البارزة التي تحتضن فعاليات حكومية محلية ودولية، يتقدمها في كثير من الأحيان رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي.
وفي العاشر من ديسمبر/كانون الأول 2016، افتتح السيسي المؤتمر الدوري الأول للشباب في فندق الماسة بالعاصمة القاهرة، بمشاركة مئات من الشباب من مختلف المحافظات والجامعات والأحزاب السياسية، وكان من أهم توصيات المؤتمر، دراسة بوضع قانون التظاهر، وإعادة مناقشة قانون الجمعيات الأهلية، واستمرار عمل اللجان المشكلة لبحث حالات الشباب المحبوسين.
وفي مايو/أيار 2018، احتضن الفندق ذاته المؤتمر الوطني الدوري الخامس للشباب، تحت رعاية وحضور رئيس الجمهورية وكبار رجال الدولة وشباب من مختلف التيارات والأطياف، وأسفر عن إصدار عفو رئاسي عن 332 محبوسا من الشباب.
ومع إنشاء فندق الماسة في العاصمة الإدارية الجديدة، احتضن العديد من المؤتمرات الحكومية والرئاسية البارزة، ومنها المؤتمر السابع للشباب في يوليو/تموز 2019، بمشاركة وحضور الرئيس وكبار رجال الدولة والمجتمع وسفراء دول الاتحاد الأفريقي.
ولجأت بعض أحزاب الموالاة الكبرى لعقد مؤتمراتها الحاشدة لدعم السيسي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، في سلسلة الفندق نفسها، ومن بينها مؤتمر حزب حماة الوطن، أبرز أحزاب الموالاة، المنعقد في 30 نوفمبر/تشرين الثاني في فندق الماسة بمدينة نصر، شرقي العاصمة.
فندق سفير الدقي
ويعد فندق “سفير” بضاحية الدقي، في الجيزة قرب القاهرة، أحد أبرز الفنادق التي تحتضن ترتيبات الحقوقيين والسياسيين ومداولاتهم، بجانب فندقي ماريوت في ضاحية الزمالك، وفرع فندق كمبنسكي في وسط القاهرة.
وأعلن المرشح الرئاسي السابق، فريد زهران، رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، ترشحه وبرنامجه الانتخابي من فندق سفير الدقي، ونظمت فيه أمانة المرأة بالحزب ذاته مؤتمرها السنوي الثاني في العام 2015.
كما يحتضن فرع فندق كمبنسكي على النيل بوسط القاهرة، في الفترات الأخيرة، العديد من أنشطة الحقوقيين والسياسيين، ومنها ندوات جمعية السادات للتنمية والرعاية الاجتماعية برئاسة السياسي المصري البارز محمد أنور عصمت السادات، بالتعاون مع السفارة الألمانية بالقاهرة، التي تناولت العديد من القضايا الحقوقية والإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بمصر.
يتذكر الكاتب الصحفي كارم يحيي، مدير التحرير الأسبق لجريدة الأهرام القاهرية، في حديثه للجزيرة نت، تغطيته لاجتماع مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان بفندق سفير الدقي في العاشر من ديسمبر/كانون الأول 1993، الذي حدث أثناءه اختفاء المعارض الليبي الراحل منصور الكيخيا.
ويضيف أن مستشار الرئيس المصري الأسبق الراحل، أسامة الباز، كان له على سبيل المثال مقر دائم بأحد الفنادق الشهيرة في القاهرة بالثمانينيات والتسعينيات لمقابلة من يريد من الساسة والمثقفين، مؤكدا أن الفنادق تستوعب خدمات كثيرة تسهل مهمة عقد اللقاءات بها.
وتحتضن الفنادق كذلك في مصر العديد من اجتماعات المحادثات والترتيبات بين حركات المقاومة الفلسطينية حماس وفتح والجهاد، بحضور الجهات المصرية السيادية المعنية بالملف الفلسطيني.
وعادة لا تعلن الجهات المصرية المعنية أسماء الفنادق، لكن من أبرزها، وفق مصدر تحدث للجزيرة نت، فندق فيرمونت المطار، والماسة في العاصمة الإدارية الجديدة، وإنتركونتيننتال سيتى ستارز بالقاهرة.
وفي الأيام الأخيرة، التقت قيادات من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وفدا قياديا من حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) ومسؤولين في جهاز سيادي مصري، لبحث سبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، ومسودة اتفاق حول إدارة القطاع بعد الحرب.
وكان فندق الفورسيزون، المطل على ضفاف النيل بقلب العاصمة القاهرة، قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، أحد أهم أماكن صنع القرار السياسي وعقد الاتفاقات والترتيبات السياسية لرجال نظام الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، بسبب إقامة رجل الأعمال أحمد عز فيه عندما كان أمين تنظيم الحزب الوطني الحاكم في ذلك الوقت.
وحاول العديد من السياسيين بعد عام 2014 بالتنسيق مع قيادات ائتلاف دعم مصر (موالاة) استعادة الفندق كمقر لاتفاقاتهم السياسية، لكن خفت حضوره في المشهد السياسي.