انتقد صحفي استقصائي صعود منصات المراهنة على الأحداث العالمية وتأثيرها المتزايد، محذراً من أنها تحوّل القضايا الإنسانية والسياسية الهامة إلى سلع مالية قابلة للتداول لتحقيق الربح. هذه المنصات، المعروفة بـ”أسواق التنبؤ”، تتيح للمستخدمين شراء وبيع عقود مرتبطة بنتائج أحداث مستقبلية، مما يثير تساؤلات حول أخلاقيات استثمار البيانات بهذه الطريقة.
وأشار المحقق إلى أن هذه المنصات تستغل الأحداث الجارية وتقدمها كفرص استثمارية، معتبراً ذلك استغلالاً للمآسي والقرارات المصيرية. تعتمد هذه الأسواق على التداول بناءً على احتمالات نتائج محددة، مما قد يشجع على الاستفادة من الأحداث السلبية لتحقيق مكاسب مالية.
كيف تعمل منصات المراهنة؟
تعتمد هذه المنصات على نموذج يسمح للمستخدمين بالمراهنة على وقوع أو عدم وقوع أحداث معينة. فبدلاً من مجرد التنبؤ، يصبح الحدث نفسه أداة مالية قابلة للتبادل. ويرتفع أو ينخفض سعر هذه العقود المالية بناءً على التغيرات في توقعات المشاركين، مما يتيح للمتداولين الربح من خلال شراء وبيع هذه العقود في التوقيت المناسب.
تزعم بعض المنصات مثل “كالشي” و”بولي ماركت” أنها توفر “تحليلاً متقدماً” من خلال تجميع توقعات عدد كبير من المشاركين، وتقديم رؤية أكثر دقة من استطلاعات الرأي التقليدية. ومع ذلك، يشكك النقاد في مدى دقة هذه التوقعات، خاصة في ظل محدودية عدد المستخدمين أحياناً.
الشراكات الإعلامية وتأثيرها
شهدت هذه المنصات نمواً ملحوظاً في شعبيتها، مدفوعاً جزئياً بالشراكات مع وسائل الإعلام الكبرى. فقد عقدت “كالشي” شراكات مع شبكات مثل “سي إن إن” و”سي إن بي سي”، بينما تعاونت “بولي ماركت” مع “ياهو فاينانس”. هذه الشراكات تهدف إلى زيادة الوعي بهذه المنصات وإضفاء الشرعية عليها.
تتيح هذه التعاونات لوسائل الإعلام تقديم تغطية إخبارية مرتبطة بفرص المراهنة، مما قد يُغري جمهورها بالمشاركة. في المقابل، تحصل المنصات على وصول أوسع لخدماتها وزيادة في عدد المستخدمين.
مخاوف بشأن الدقة والمصداقية
يثير صعود منصات المراهنة مخاوف بشأن دقة التوقعات التي تقدمها، حيث أظهرت دراسات أن هذه المنصات ليست دائماً أكثر موثوقية من الأساليب التقليدية لجمع البيانات. قد تتأثر توقعات هذه المنصات بالتحيزات الشخصية للمشاركين أو بالتلاعب من قبل أطراف مهتمة.
أظهرت تحليلات حديثة تراجعاً في عدد المستخدمين النشطين على بعض هذه المنصات، مما يشير إلى فقدان الثقة أو انخفاض الاهتمام. هذا التراجع قد يكون مرتبطاً أيضاً بتقلبات السوق وصعوبة تحقيق أرباح مستدامة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك تعلق بوجود صلات سياسية قد تؤثر على نزاهة هذه المنصات، حيث وردت تقارير عن ارتباط بعضها بشخصيات سياسية بارزة. هذه العلاقة قد تثير شكوكاً حول مدى استقلالية هذه المنصات وقدرتها على تقديم تقييمات موضوعية للأحداث.
المراهنة على الأحداث الجارية: تسييل المخاطر
تتيح هذه المنصات المراهنة على مجموعة واسعة من الأحداث، بما في ذلك نتائج الانتخابات، والكوارث الطبيعية، وحتى الأزمات الإنسانية. هذا التنوع في الخيارات يجعلها جذابة للمتداولين الذين يبحثون عن فرص جديدة لتحقيق الأرباح. لكن هذا أيضاً يعني أن هذه المنصات قد تساهم في تسييل المخاطر المرتبطة بهذه الأحداث، مما قد يزيد من حدتها أو يعيق جهود الإغاثة.
كما أن المراهنة على الأحداث الجارية قد تؤدي إلى تضخيم الأنباء والمعلومات الخاطئة، حيث أن المتداولين قد يتأثرون بالشائعات والأخبار غير المؤكدة. ويثير هذا الأمر مخاوف بشأن دور هذه المنصات في نشر المعلومات المضللة وتأثيرها على الرأي العام.
مع استمرار تطور هذه التكنولوجيا، من المتوقع أن تتزايد أهمية الرقابة والتنظيم لضمان الشفافية والمساءلة. سيراقب المراقبون عن كثب التطورات التشريعية المحتملة التي قد تؤثر على طريقة عمل هذه المنصات وتأثيرها على الأسواق. سيكون تقييم دقة هذه المنصات وقدرتها على التنبؤ بالأحداث المستقبلية أمراً بالغ الأهمية في تحديد مصداقيتها وقيمتها في المستقبل.













