خرج المتقاعدون في فرنسا في احتجاجات حاشدة بمختلف المدن الخميس الماضي، بدعوة من كبرى النقابات العمالية، تنديدًا بمشروع ميزانية حكومة رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو لعام 2026، ومشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي. وامتدت المظاهرة في العاصمة باريس من أمام مجلس الشيوخ إلى ساحة لينزانفاليد، في مشهد يعكس غضب المتقاعدين من مشروع الميزانية.
ورفع المتظاهرون أعلام اتحادات التقاعد ولافتات تحمل شعارات مثل “كفى استغلالًا للمتقاعدين.. حالة طوارئ اجتماعية.. ارفعوا معاشاتنا التقاعدية”، في مشهد يعكس رفض المتقاعدين للتأثيرات السلبية المتوقعة من مشروع الميزانية على معاشاتهم التقاعدية.
مشروع الميزانية والمتقاعدون
يأتي مشروع ميزانية حكومة لوكورنو لعام 2026 في ظل تصريحات سابقة عن تخليه عن تجميد المعاشات التقاعدية ومزايا الرعاية الاجتماعية، إلا أن التهديد لا يزال قائمًا بشأن كبار السن. ويخيم الغموض على تمويل تعليق إصلاح نظام المعاشات التقاعدية، الذي من المتوقع أن تبلغ تكلفته 100 مليون يورو على الأقل عام 2026، ومبلغ 1.4 مليار يورو عام 2027.
وتشمل الإجراءات المقترحة في مشروع الميزانية “السنة البيضاء”، التي تعني تجميد الإنفاق على الخدمات الاجتماعية والمعاشات عند مستوى عام 2025، مما يُترجم بانخفاض فعلي في القيمة الحقيقية للدخل. وتهدف هذه الإجراءات إلى الحد من العجز العام الذي ارتفع من 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2022 إلى 5.4% عام 2023، و5.8% عام 2024.
تأثيرات على المتقاعدين
أشارت الأمينة العامة للاتحاد العام للعمال “سي جي تي” إلى أن المتقاعدين “لا يملكون ثروات طائلة”، معتبرة أن تصريحات لوكورنو “بعيدة كل البعد عن الواقع في ظل غياب أي ضمان واضح”. وأضافت أن التأثير الأكبر سيكون على أفقر المتقاعدين، حيث ترى الحكومة أن المرء يبدأ بالثراء عند راتب الألفي يورو بينما تترك الأثرياء.
ورفع آلاف المتظاهرين لافتات تحمل شعارات تندد بالاستغلال وتطالب برفع المعاشات التقاعدية. ويشكل المتقاعدون قلقًا متزايدًا للحكومة، خاصة مع تزايد أعدادهم وتراجع قدرتهم الشرائية.
مطالب المتقاعدين
يطالب المتقاعدون في فرنسا اليوم بإعادة تفعيل مبدأ التضخم في حساب المعاشات حتى لا تفقد قيمتها الشرائية تدريجيًا، وبالحفاظ على الخدمات العمومية الضرورية، وفرض العدالة الضريبية بحيث لا تصبح الفئة المتقاعدة ضحية لرفع الرسوم والضرائب بينما تبقى الثروات الكبيرة بمنأى عن ضغط الميزانية.
وفي ظل هذه التحديات، يتوقع مراقبون أن تنشئ الحكومة جسر حوار سياسي قد يفضي إلى تعديل بنود مشروع الميزانية أو تأجيل بعضها. ومع ذلك، يرى آخرون أن مواصلة تشريع القوانين رغم الاحتجاجات قد يكون السيناريو الأبرز خلال الفترة المقبلة رغم كل التصعيدات التي قد تنتج عن ذلك.
ويتطلع المتقاعدون إلى قرارات حكومية عادلة تراعي حقوقهم وتضمن لهم حياة كريمة. وستكون الخطوات المقبلة للحكومة محط أنظار المتقاعدين والنقابات العمالية، في ظل استمرار الاحتجاجات والمطالبات بالحقوق.













