حذر أطباء في لندن وبريستول من ارتفاع ملحوظ في حالات البواسير بين المرضى الذين يستخدمون حقن إنقاص الوزن، مثل مونجارو وأوزمبيك. وتعتبر هذه الحقن، التي تستهدف في الأصل مرضى السكري، شائعة بسبب فعاليتها في خفض الشهية وتسريع فقدان الوزن، إلا أنها مرتبطة بعدة آثار جانبية، بما في ذلك مشاكل في الجهاز الهضمي.
وأشار الدكتور روس بيري، المدير الطبي لعيادات سكين كلينيكس، إلى أنهم شهدوا زيادة بنسبة 41٪ في عدد حالات البواسير خلال الأشهر الستة الماضية، وأن العديد من المرضى يعزون هذه المشكلة إلى استخدامهم لهذه الأدوية. وتأتي هذه التحذيرات في وقت يزداد فيه الإقبال على هذه الحقن كوسيلة لإنقاص الوزن، مما يثير قلقًا بشأن الآثار الصحية المحتملة.
تزايد حالات البواسير وعلاقتها بحقن إنقاص الوزن
تعمل أدوية مثل مونجارو وأوزمبيك، التي تنتمي إلى فئة “ناهضات جي إل بي 1” (GLP-1 agonists)، على تنظيم مستويات السكر في الدم وتعزيز الشعور بالشبع. ومع ذلك، فإن هذه الأدوية يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات في الجهاز الهضمي، مثل الغثيان والإمساك، والتي بدورها تزيد من خطر الإصابة بالبواسير. الإمساك يسبب إجهادًا أثناء التبرز، مما يضغط على الأوردة في منطقة المستقيم والشرج ويؤدي إلى انتفاخها وتكوّن البواسير.
وأضاف الدكتور بيري أن العديد من المرضى الذين يتوجهون إلى ممارسة الرياضة – بما في ذلك رفع الأثقال – بهدف الحفاظ على كتلة العضلات أثناء فقدان الوزن، قد يجهدون أنفسهم بشكل أكبر، مما يزيد من خطر تفاقم البواسير. وهذا يوضح أن تغيير نمط الحياة المصاحب لبرامج إنقاص الوزن قد يساهم في ظهور هذه المشكلة.
آلية تأثير الحقن على الجهاز الهضمي
تؤخر حقن “جي إل بي 1” (GLP-1) إفراغ المعدة، مما يبطئ حركة الطعام عبر الجهاز الهضمي. ونتيجة لذلك، يصبح البراز أكثر جفافًا وصلابة، مما يزيد من الإجهاد أثناء التبرز ويزيد من احتمالية الإصابة بالبواسير والشقوق الشرجية. هذه التغييرات في حركة الأمعاء هي ما يلاحظه العديد من المرضى.
وتشير تقارير من منتديات الإنترنت إلى أن بعض المستخدمين لهذه الحقن يعانون من البواسير حتى في حالة عدم وجود تاريخ سابق للإمساك. وقد شاركت إحدى النساء البالغة من العمر 59 عامًا تجربتها في فقدان 40 رطلاً باستخدام أوزمبيك، لكنها عانت بعد ذلك من البواسير. وأكدت لها استشارة طبية أن الإمساك الناتج عن الدواء هو السبب المحتمل.
مخاطر أخرى محتملة
بالإضافة إلى البواسير، يحذر الأطباء من أن الإمساك قد يؤدي إلى مضاعفات أخرى، مثل التمزقات الشرجية المؤلمة. كما أن الأعراض الناتجة عن مشاكل الأمعاء قد تكون مشابهة لأعراض أمراض أكثر خطورة، مثل سرطان القولون والمستقيم، مما يجعل التشخيص المبكر أكثر صعوبة. لذلك، من المهم استشارة الطبيب في حالة ظهور أي أعراض غير طبيعية.
على الرغم من هذه المخاطر، فإن مئات الآلاف من المرضى في المملكة المتحدة يتناولون هذه الأدوية بأمان، وقد تم استخدامها لسنوات. ويؤكد الأطباء أن هذه الحقن يمكن أن تلعب دورًا هامًا في مكافحة مشكلة السمنة المزمنة، والتي تمثل عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على البلاد.
توصيات وإرشادات
توصي هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) المرضى بعدم تناول أي أدوية مضادة للسمنة إلا بوصفة طبية. كما تحذر وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية (MHRA) من أن فوائد ومخاطر استخدام هذه الأدوية لإنقاص الوزن من قبل الأفراد الذين لا يعانون من السمنة أو أي مرض ذي صلة لم يتم دراستها بشكل كامل. هذا يؤكد على أهمية الاستخدام المسؤول لهذه الأدوية.
في الوقت الحالي، ينصح الأطباء باستخدام مسكنات للألم وكريمات لتخفيف التهيج، بالإضافة إلى كمادات باردة وعلاجات للإمساك لتخفيف أعراض البواسير. وفي الحالات الشديدة، قد يلجأ الأطباء إلى إجراءات غير جراحية لإزالة البواسير، مثل الربط أو العلاج بالأشعة تحت الحمراء.
من المتوقع أن تقوم هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) بتقييم شامل للآثار الجانبية المحتملة لحقن إنقاص الوزن في الأشهر القادمة، وقد يتم تعديل الإرشادات الخاصة بوصف هذه الأدوية بناءً على نتائج هذا التقييم. يجب على المرضى متابعة التطورات الصحية والتشاور مع أطبائهم للحصول على أحدث المعلومات والتوصيات.













