أعرب القادة الأوروبيون عن تحفظاتهم بشأن خطة أمريكية مقترحة لحل الأزمة في أوكرانيا، واصفين إياها بـ “المسودة” التي تحتاج إلى تعديلات جوهرية. يأتي هذا الرد بعد أسبوع من المناقشات المكثفة حول مستقبل الدعم لأوكرانيا، وسط مخاوف من أن الخطة الأمريكية قد تتطلب تنازلات كبيرة من كييف.
الخطة، التي تتضمن 28 نقطة، تهدف إلى إيجاد حل تفاوضي للصراع، لكن القادة الأوروبيين أبدوا قلقهم بشكل خاص بشأن المقترحات التي تتعلق بتقليص حجم الجيش الأوكراني، بالإضافة إلى أي ترتيبات أمنية قد تؤثر على الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو). وشددوا على ضرورة موافقتهم المسبقة على أي اتفاق يتعلق بالأمن الأوروبي.
مستقبل مفاوضات أوكرانيا: تقييم الخطة الأمريكية
وفقًا لبيان مشترك صادر عن قادة أوروبيين بارزين، بما في ذلك المستشار الألماني فريدريش ميترس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فإن الخطة الأمريكية قد تشكل أساسًا للمفاوضات، لكنها ليست نهائية. وأكدوا على أن أي قيود على القوات المسلحة الأوكرانية يجب أن تخضع لمراجعة دقيقة.
وأضاف البيان أن تنفيذ أي عناصر تتعلق بالاتحاد الأوروبي أو الناتو يتطلب موافقة أعضاء الاتحاد وحلف الناتو على التوالي. ويعكس هذا الموقف حرص أوروبا على الحفاظ على سيادتها في تحديد مستقبلها الأمني.
نقاط الخلاف الرئيسية
تتركز المخاوف الأوروبية حول ثلاثة جوانب رئيسية: الحفاظ على سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، ورفض أي تقليص للقدرات العسكرية الأوكرانية، والتعويضات عن الأضرار الناجمة عن الحرب. ويرفض القادة الأوروبيون بشكل قاطع أي تغيير للحدود بالقوة، بما في ذلك التنازل عن شبه جزيرة القرم أو مناطق لوهانسك ودونيتسك لروسيا.
بالإضافة إلى ذلك، يعارض الأوروبيون المقترح الأمريكي بتقليص حجم الجيش الأوكراني إلى 600 ألف جندي، معتبرين أن تعزيز القوات المسلحة الأوكرانية ضروري لمواجهة أي عدوان مستقبلي. ويشترك الأوروبيون والأوكرانيون في هذا الرأي.
الأصول الروسية المجمدة تشكل نقطة خلاف أخرى. يبحث الاتحاد الأوروبي عن آلية لاستخدام الأصول الروسية المجمدة، والتي تبلغ قيمتها حوالي 140 مليار يورو، لتقديم قروض تعويضات لأوكرانيا لتغطية احتياجاتها العسكرية والميزانية للعامين 2026 و2027.
في المقابل، تقترح الخطة الأمريكية رفع التجميد عن هذه الأصول ووضعها في صندوقين استثماريين، أحدهما لأوكرانيا والآخر لروسيا، مع استفادة الولايات المتحدة اقتصاديًا من كلا الصندوقين. ويرى بعض المسؤولين الأوروبيين أن هذا الاقتراح “وحشي اقتصاديًا” ويؤكدون على أهمية الحفاظ على الأصول المجمدة تحت الولاية القضائية الأوروبية كأداة ضغط.
الدعم الدولي لأوكرانيا يواجه تحديات. أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده تواجه خيارًا صعبًا: الحفاظ على كرامتها أو المخاطرة بفقدان الدعم الأمريكي. وتشير التقارير إلى أن هناك ضغوطًا كبيرة على كييف لقبول الخطة الأمريكية أو رفضها بحلول موعد نهائي محدد.
الوضع الجيوسياسي يتطلب حذرًا. يجتمع قادة الاتحاد الأوروبي الـ 27 مجددًا يوم الاثنين لمواصلة النقاش حول الخطة الأمريكية والبحث عن حلول بديلة. ويجري دبلوماسيون أوروبيون جهودًا مكثفة لإقناع الولايات المتحدة بتعديل خطتها، مع تقديم خطة مضادة بقيادة فرنسا والمملكة المتحدة.
من المتوقع أن تكون الأيام القادمة حاسمة في تحديد مستقبل مفاوضات أوكرانيا. سيكون من المهم مراقبة تطورات الاجتماعات القادمة، وخاصةً موقف الولايات المتحدة وروسيا، بالإضافة إلى رد فعل الرئيس زيلينسكي. يبقى من غير الواضح ما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق مقبول للطرفين، لكن الضغوط تتزايد على جميع الأطراف المعنية لإيجاد حل سلمي للصراع.













