اختر منطقتك 
من المقرر أن يصوت الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي في وقت لاحق اليوم الاثنين على قرار يطالب بطرد العضو العربي عن حزب “حداش-تعال” اليساري، أيمن عودة، بسبب مدونة نشرها على منصة إكس دعا فيها إلى “تحرير الشعبين من نير الاحتلال، وإطلاق سراح الأسرى والسجناء”.
وانبرت صحيفة هآرتس اليسارية إلى الدفاع عن عودة وانتقاد عملية التصويت تلك في افتتاحيتها. كما نشرت مقالا لأيمن عودة نفسه فتح فيه النار في كل اتجاه، متهما الكل بالتواطؤ واستثنى منه بطبيعة الحال الشعب الفلسطيني وعرب إسرائيل وعائلات الأسرى الإسرائيليين.
ووصفت صحيفة هآرتس عملية العزل برمتها بأنها تدعو للخجل؛ إذ إنها تتطلب موافقة 90 عضوا في البرلمان من إجمالي 120 عضوا.
وحتى لو أُطيح بعودة، فإن الصحيفة اليسارية ترى أن الإجراء في حد ذاته يعني انتشار داء التفوق اليهودي الخبيث بين معظم أعضاء الكنيست، “مما يثير قلقا بالغا على مستقبل” البرلمان.
إصابة في مقتل
واعتبرت محاولة الإطاحة بالعضو العربي غير قانونية، لعدم توفر المسوغات القانونية التي تبرر الخطوة، حسبما كتب الوزير السابق في الحكومة بيني بيغين على صفحته في فيسبوك، واصفا إجراء العزل بأنه “اقتراح خطير”.
ووفقا لافتتاحية هآرتس، فإن مجرد محاولة الكنيست الإطاحة بأحد أعضائه -وخاصة النائب الذي يمثل الأقلية العربية- بأغلبية أصوات الأعضاء اليهود الحاسمة، “تقف شاهدا على تدهور مقلق في دولة إسرائيل وعلى إصابة مميتة لوعيها وقيمها الديمقراطية”.
وقالت إن الإطاحة بعودة ما هي إلا محاولة لتأسيس سابقة لبرنامج تطهير سياسي كامل. وانتقدت دعم نواب المعارضة -من بينهم زعيمها يائير لبيد– لإقصاء عودة.
وأضافت أن نواب المعارضة الذين يزعمون أنهم يشكلون ثقلا مضادا لفئات داخل المجتمع الإسرائيلي تتبنى توجها معاديا للديمقراطية وأيديولوجيا قومية متطرفة، بأنهم ضلوا الطريق السياسي.
عودة يتهم
وفي مقاله بالصحيفة نفسها تحت عنوان “إني أتهم، وأعارض الحرب والاحتلال الإسرائيلي”، كتب عضو الكنيست أيمن عودة أن ما يتعرض له ليس مجرد هجوم، بل محاولة لشطبه هو وكل من يعارض حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والاحتلال والحرب على قطاع غزة.
وعزا السبب في محاولة عزله إلى تغريدة نشرها قبل 6 شهور تقريبا على موقع إكس يقول فيها “أنا سعيد بالإفراج عن الرهائن والسجناء. علينا الآن أن نحرر كلا الشعبين من نير الاحتلال. لأننا وُلِدنا جميعاً أحراراً”.
ووفق عودة، فإن تغريدة تتبنى موقفا إنسانيا وعادلا مبنيا على الاعتراف الدولي، لا ينبغي أن تثير مثل هذا الجدل، مستدركا أن مثل هذه العبارات يتم تحريفها في إسرائيل لتعني “دعم الإرهاب”.
وبلهجة غاضبة، نفى عودة عن نفسه تهمة دعم الإرهاب، وقال إن من يدعمون الإرهاب هم في الواقع أولئك الذين يجلسون في مقاعد الحكومة الإسرائيلية، واصفا إياهم بأنهم “هم المتطرفون وليس أنا”.
جريمة لا تغتفر
وشن هجوما لاذعا على الكل ولم يسلم من اتهاماته أحد تقريبا. فقد اتهم الحكومة الإسرائيلية بشن حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني، ووسائل الإعلام الإسرائيلية الرئيسية لفشلها إلى حد كبير في تغطية محاولة عزله، وحجبها أهوال الحرب في غزة وإخفاء الحقائق عن الرأي العام. وقال إن “هذه ليست صحافة، بل تواطؤ”.
كما اتهم قادة المعارضة، والداعمين لمزاعم التفوق اليهودي “الذين لا ينظرون إلينا على أننا متساوون معهم، وينكرون علينا إنسانيتنا..”.
واتهم أيضا قيادة الحركة الاستيطانية التي تمثل الطليعة الأيديولوجية للفصل العنصري، وحكومة الظل الإسرائيلية، مشيرا إلى أن جميعهم يبشرون بالتطهير العرقي ويمجدون التفوق اليهودي، ويعملون ليل نهار على طرد الشعب الفلسطيني واستئصاله.
عودة يتهم نفسه
ولم تقتصر تلك الاتهامات على شرائح المجتمع الإسرائيلي، لكنه اتهم أيضا المسؤولين عما أسماها “مجزرة 7 أكتوبر/تشرين الأول المروعة”، في إشارة إلى طوفان الأقصى، واعتبرها “جريمة لا تغتفر”.
وطالت اتهاماته أيضا المجتمع الدولي والرئيس الأميركي دونالد ترامب وأسلافه من رؤساء الولايات المتحدة السابقين “الذين شرعنوا حرب الإبادة في غزة، وصعود الفاشية في إسرائيل”.
عودة يعد بأن يقف مرفوع الرأس خلال مساءلته، “فكل كلمة قلتها تمثلني تماما، ولن أتراجع عن أي شيء، لا جملة، ولا كلمة، ولا حرف، ولا فاصلة، ولا حتى نقطة واحدة”
وهاجم الاحتلال الإسرائيلي، الذي قال إنه يغذي الألم والدمار ودوامة العنف التي لا تنتهي. وتابع القول إن حرب الإبادة هذه لم تحقق شيئا ولن تحقق شيئا، معربا عن اعتقاده أن الحل السياسي وحده هو الذي يمكن أن يحقق العدالة والأمان والسلام من النهر إلى البحر.
وبلغ عودة حداً من السخرية واتهم نفسه والنواب العرب في الكنيست “لأننا لم نفعل ما يكفي، ولم نكن أقوياء بما فيه الكفاية لوقف هذه الكارثة”.
واستثنى من اتهاماته الشعب الفلسطيني وعرب إسرائيل وعائلات الرهائن الإسرائيليين “الذين يستحقون منا كل ترحيب حتى بعد أن تخلت عنهم حكومتهم”.
وأكد أنه عندما يخضع للمساءلة أمام الكنيست اليوم، فإنه سيدافع عن مبادئه، “وسأقف مرفوع الرأس، فكل كلمة قلتها تمثلني تماما، ولن أتراجع عن أي شيء، لا جملة، ولا كلمة، ولا حرف، ولا فاصلة، ولا حتى نقطة واحدة”.
