في ظل التحولات الرقمية المتسارعة التي يشهدها العالم، تبرز باكستان كإحدى الدول التي تسعى إلى بناء اقتصاد رقمي متكامل. ومع تنامي دور قطاع التكنولوجيا والاتصالات في دفع عجلة التنمية، تعمل الحكومة الباكستانية على وضع أطر إستراتيجية واضحة لتعزيز التحول الرقمي، وتهيئة بيئة رقمية أكثر تنافسية وابتكارًا. يهدف هذا التحول إلى مضاعفة القيمة الاقتصادية للقطاع، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.
تأتي هذه الجهود في وقت تشهد فيه باكستان نموًا ملحوظًا في استخدام الإنترنت والهواتف الذكية، مما يخلق فرصًا جديدة للشركات الناشئة والمستثمرين. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه عملية التحول الرقمي، مثل ضعف البنية التحتية في بعض المناطق، ونقص المهارات الرقمية لدى بعض فئات المجتمع، والقيود التنظيمية.
واقع البيئة التقنية في باكستان وإستراتيجية تطوير التكنولوجيا
وصفّت وزيرة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الباكستانية، شذى فاطمة خواجة، البيئة التقنية في باكستان بأنها تمر بمرحلة من الحراك والنمو المتسارع. وأكدت أن الحكومة وضعت أطرًا واضحة وتوجيهات منظمة لهذا القطاع، ولديها رؤية طموحة تتضمن أهدافًا محددة لمدة خمس سنوات قادمة.
تشمل هذه الرؤية بناء منظومة متكاملة للبيانات والبنى التحتية الرقمية في قطاعات حيوية مثل الصحة والحكومة الإلكترونية والقطاع المالي. بالإضافة إلى ذلك، تهدف الحكومة إلى رقمنة الخدمات الحكومية، وتحفيز المدفوعات الرقمية، وتشجيع التعاون بين الجامعات والقطاع الخاص.
تنمية رأس المال البشري
تولي الحكومة الباكستانية أهمية كبيرة لتنمية رأس المال البشري الرقمي. وتعمل على بناء القدرات الرقمية لدى الشباب من خلال برامج تدريبية واسعة في المهارات التقنية والبرمجة وعلوم البيانات. وتهدف هذه البرامج إلى تزويد الشباب بالمهارات اللازمة لدخول سوق العمل والمساهمة في بناء اقتصاد رقمي قوي.
كما تدعم الحكومة مبادرات موجهة للفئات الشابة والرياديين، وتعمل على تمكين المرأة والشباب من خلال مراكز ابتكار وحاضنات متخصصة. وتسعى إلى ربط الشركات الناشئة بمسرّعات دولية لتوسيع فرصها في الوصول إلى الأسواق والاستثمار.
مشاركة باكستان في مؤتمر “إم دبليو سي” 2025 الدوحة
أشارت الوزيرة خواجة إلى أن مشاركة باكستان في مؤتمر “إم دبليو سي” 2025 في الدوحة أتاحت لها فرصة مميزة لعرض تطور قطاع الاتصالات في البلاد. وأوضحت أن باكستان تشهد توسعًا كبيرًا في البنية التحتية الدولية للكوابل البحرية، مما يعزز سعة الاتصال الدولي ويقلل المخاطر.
وأضافت أن باكستان تسعى إلى أن تصبح معبرًا رئيسيًا لبلدان آسيا الوسطى والصين، من خلال توفير أقصر مسارات ربط لهذه الدول مع بقية العالم. وتعمل الحكومة على تحديث وتحسين الشبكات الوطنية، ورفع كفاءة المنظومة، وتطوير خدمات الجيلين الرابع والخامس.
وذكرت الوزيرة أن المؤتمر أتاح لها فرصة لمناقشة قضايا البنية التحتية الرقمية، والاستثمارات، وحوكمة القطاع التقني مع مسؤولين وخبراء من مختلف أنحاء العالم. وأعربت عن تقديرها لتنظيم المؤتمر في الدوحة، وللحفاوة وحسن الاستقبال الذي لقيه الوفد الباكستاني.
التحول الرقمي في باكستان يواجه تحديات تتعلق بالبنية التحتية والمهارات، لكن الحكومة تضع خططًا طموحة للتغلب عليها. وتشير التقديرات إلى أن الاستثمار في البنية التحتية الرقمية سيصل إلى عدة مليارات من الدولارات خلال السنوات القادمة. بالإضافة إلى ذلك، هناك تركيز متزايد على الأمن السيبراني لحماية البيانات والبنية التحتية الرقمية.
من المتوقع أن تعلن الحكومة الباكستانية عن تفاصيل خطة التحول الرقمي الوطنية الكاملة بحلول الربع الأول من عام 2026. وستحدد هذه الخطة الأهداف الرئيسية والمؤشرات الرئيسية للأداء، بالإضافة إلى الميزانية المخصصة لكل قطاع. ويركز المراقبون على مدى قدرة الحكومة على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتنفيذ الإصلاحات التنظيمية اللازمة لتحقيق أهدافها الطموحة.













