قال مسؤولون أمريكيون إن تنفيذ المراحل المتبقية من اتفاق غزة، والذي يهدف إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار وإعادة إعمار القطاع، قد يستغرق أكثر من ثلاث سنوات. يأتي هذا التصريح في الوقت الذي تتزايد فيه الجهود الدبلوماسية، برعاية قطر ومصر وتركيا، لدفع عملية السلام نحو الأمام، مع التركيز على التحديات التي تواجه الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق والتي تتعلق بتأمين الهدنة وتقديم المساعدات الإنسانية. هذا التقدم في المفاوضات المتعلقة بـ اتفاق غزة يمثل تطوراً هاماً في الجهود الإقليمية والدولية لحل الأزمة المستمرة.
أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، في مؤتمر صحفي بواشنطن، على أهمية استكمال المرحلة الأولى من الاتفاق، وهي المتعلقة بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، للوصول إلى المرحلة الثانية. وأضاف أن بلاده تعمل بجد لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة والانتقال إلى مرحلة إعادة الإعمار، مشدداً على ضرورة أن يكون الأمن عنصراً أساسياً في هذه العملية. تأتي هذه التصريحات بينما يستعد المبعوثان الأمريكيان لاجتماع حاسم في ميامي.
مباحثات ميامي حول اتفاق غزة
تتركز الأنظار حالياً على مدينة ميامي الأمريكية، حيث من المقرر أن يعقد المبعوثان الأمريكيان، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، اجتماعاً مع مسؤولين رفيعي المستوى من قطر ومصر وتركيا. وتهدف هذه المباحثات إلى مناقشة الخطوات اللازمة للانتقال إلى المرحلة الثانية والثالثة من اتفاق غزة، بما في ذلك قضايا الأمن وإعادة الإعمار والتحديات اللوجستية.
أفادت متحدثة باسم البيت الأبيض أن ويتكوف سيبحث مع الوسطاء القطريين والمصريين والأتراك تفاصيل الانتقال إلى المرحلة الثانية، مع التركيز على ضمان التزام جميع الأطراف ببنود الاتفاق. وتشمل هذه المرحلة تسليم حركة حماس أسلحتها، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المواقع التي تحتلها في غزة، وتشكيل سلطة انتقالية تدير القطاع، بالإضافة إلى انتشار قوة استقرار دولية.
التحديات التي تواجه تنفيذ الاتفاق
تواجه عملية تنفيذ اتفاق غزة تحديات كبيرة، أبرزها مسألة ضمان الأمن المستدام في القطاع. ويتهم الجانب الأمريكي حركة حماس بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار من خلال إطلاق النار على الجنود الإسرائيليين، مشدداً على أن أي تهديد مستقبلي لإسرائيل سيقوض فرص السلام ويثني المستثمرين عن ضخ الأموال في غزة. دوليًا، يرى البعض أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تتعاون بشكل كامل مع جهود الوساطة.
علاوة على ذلك، أثار وزير الخارجية الأمريكي قضية وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، متهماً إياها بالفساد. وأشار روبيو إلى أن واشنطن تعتقد بإمكانية تقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل مباشر دون الحاجة إلى تدخل الأمم المتحدة. هذا التصريح قد يؤدي إلى إعادة تقييم دور الأونروا في تقديم المساعدات للفلسطينيين.
وفي سياق متصل، أعرب عضو المكتب السياسي لحركة حماس، باسم نعيم، عن توقعات حركته بأن تؤدي المحادثات في ميامي إلى وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار. وأكد نعيم على أهمية التزام جميع الأطراف بمقتضيات اتفاق شرم الشيخ، الذي يهدف إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار وتبادل الأسرى وتقديم المساعدات الإنسانية. الهدنة، وهي جوهرية لنجاح اتفاق غزة، لا تزال هشة رغم الجهود المبذولة.
يضاف إلى هذا، البحث عن قوة استقرار دولية موثوقة ومقبولة من جميع الأطراف. وقد أبدت باكستان استعدادها للمشاركة في هذه القوة، وفقًا لتصريحات مسؤولين أمريكيين. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الدول للمساهمة لضمان فعالية القوة في الحفاظ على الأمن. هذه العملية معقدة وتتطلب تنسيقًا دقيقًا بين مختلف الجهات الفاعلة.
وتشير المؤشرات إلى أن عقد مؤتمر للمانحين لغزة لن يكون ممكناً قبل التأكد من الجهة التي ستتولى مسؤولية الأمن في القطاع. وهذا يضع ضغوطاً إضافية على الأطراف المعنية لتسريع عملية تشكيل حكومة تكنوقراط قادرة على إدارة القطاع وتوفير الأمن للسكان. التمويل ضروري لإعادة إعمار غزة، لكنه مرتبط بشكل وثيق بضمان الاستقرار.
في المجمل، يبقى مستقبل اتفاق غزة معلقاً على التزام جميع الأطراف ببنوده، وعلى قدرة الأطراف المعنية على التغلب على التحديات التي تعيق تنفيذه. من المتوقع أن يستمر الجهد الدبلوماسي في الأيام والأسابيع القادمة، مع التركيز على تحقيق تقدم ملموس في ملف الأمن وإعادة الإعمار. يجب مراقبة تطورات الوضع عن كثب لتقييم فرص نجاح هذا الاتفاق وتحقيق سلام دائم في المنطقة.













