أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم الأربعاء عملية عسكرية واسعة النطاق في محافظة طوباس شمال الضفة الغربية المحتلة، مما أدى إلى اشتباكات مع السكان المحليين وفرض قيود صارمة على الحركة. وتأتي هذه العملية، التي تشارك فيها عدة ألوية إسرائيلية، في سياق تصعيد التوترات في المنطقة وتأثيرها على الوضع الأمني في الضفة الغربية. وتعتبر عملية طوباس الأحدث في سلسلة من العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تستهدف مناطق مختلفة في الضفة الغربية.
وبحسب مصادر إعلامية عبرية، فإن العملية العسكرية في طوباس تشارك فيها ثلاثة ألوية رئيسية من الجيش الإسرائيلي: منشة والشومرون والكوماندوز. وقد بدأت القوات الإسرائيلية بإغلاق الطرق الرئيسية في المحافظة، ودفعت بتعزيزات كبيرة من الجنود والآليات العسكرية، بما في ذلك الجرافات العسكرية والمروحيات الأباتشي التي حلقت بكثافة فوق المدينة. وأفادت المصادر المحلية عن أصوات إطلاق نار في سماء طوباس.
الوضع الميداني في طوباس وتداعياته
فرض الجيش الإسرائيلي حظر تجوال شامل على طوباس والبلدات المجاورة، وأغلق جميع المداخل بالسواتر الترابية والحواجز العسكرية. كما أجبرت القوات الإسرائيلية عائلة في بلدة طمون على إخلاء منزلها، واستخدمته كثكنة عسكرية. وأشارت بلدية طمون إلى أن القوات الإسرائيلية جرفت طرقًا رئيسية، وقطعت خطوط المياه، وأغلقت مداخل البلدة، وحوّلت ما لا يقل عن 10 منازل إلى ثكنات عسكرية.
وتشير التقارير إلى أن القوات الإسرائيلية تواصل عمليات الدهم والتفتيش في المنازل، مما أدى إلى اعتقالات عديدة. وقد أطلقت طائرات الاحتلال النار على الأهالي والأحياء السكنية، مما أثار حالة من الذعر والخوف بين السكان. وتأتي هذه الإجراءات في ظل تصاعد التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتزايد المخاوف من اندلاع مواجهات واسعة النطاق.
تطورات ميدانية أخرى في الضفة الغربية
لم تقتصر الاقتحامات الإسرائيلية على طوباس، بل امتدت إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية. ففي محافظة الخليل، اقتحم الجيش الإسرائيلي مخيم الفوار جنوب المدينة وشن حملة دهم واعتقالات. كما اقتحم بلدة حلحول شمال المدينة وأطلق قنابل الصوت والغاز تجاه منازل المواطنين. واقتحم جيش الاحتلال أيضًا بلدة طلوزة شمال شرق نابلس، ومخيم الأمعري جنوب مدينة البيرة، وشن حملة اعتقالات ودهم.
وتأتي هذه الاقتحامات في إطار جهود إسرائيلية مستمرة للسيطرة على الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، وملاحقة المطلوبين الفلسطينيين. ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذه العمليات العسكرية تؤدي إلى تفاقم الأوضاع، وزيادة الغضب والإحباط بين الفلسطينيين.
ردود الفعل الفلسطينية والإقليمية على عملية طوباس
أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) العملية العسكرية الإسرائيلية في طوباس، واعتبرتها “عدوانًا ممنهجًا على الشعب الفلسطيني”. وقالت الحركة إن هذه العملية تكشف عن “حجم الإجرام المنهجي الذي تمارسه حكومة الاحتلال المتطرفة”. كما أدانت حركة الجهاد الإسلامي العملية، واعتبرتها “عدوانًا جديدًا على أبناء شعبنا”.
من جانبه، أعرب محافظ طوباس أحمد الأسعد عن قلقه العميق إزاء الوضع في المحافظة، وأكد أن الجهات الإسرائيلية أبلغت الجهات الفلسطينية بأن العملية العسكرية ستستمر أياما عدة. وأشار الأسعد إلى أن الهدف المعلن للعملية هو ملاحقة مواطنين فلسطينيين، لكن المحافظة تخلو من أي مطلوبين.
تحليل للعملية وأهدافها المحتملة
يرى محللون أن العملية العسكرية في طوباس تأتي في إطار استراتيجية إسرائيلية أوسع تهدف إلى ترسيخ السيطرة على الضفة الغربية، وتقويض أي محاولات لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة. ويشيرون إلى أن إسرائيل تعمل على توسيع المستوطنات، ومصادرة الأراضي، وتقييد حركة الفلسطينيين، بهدف تغيير الحقائق على الأرض. ويضاف إلى ذلك، أن العملية قد تهدف إلى إرسال رسالة ردع للفصائل الفلسطينية، ومنعها من تنفيذ عمليات ضد إسرائيل.
وتشير التقديرات إلى أن العملية قد تستمر لعدة أيام، وقد تتوسع لتشمل مناطق أخرى في الضفة الغربية. ومن المتوقع أن تشهد المنطقة تصعيدًا في التوترات، وزيادة في المواجهات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية. وتعتبر عملية طوباس جزءًا من سلسلة من التطورات التي تؤثر على مستقبل القضية الفلسطينية.
من المتوقع أن تواصل القوات الإسرائيلية عملياتها في الضفة الغربية خلال الأيام القادمة، مع التركيز على المناطق التي تعتبرها بؤرًا للتوتر. وسيراقب المجتمع الدولي عن كثب التطورات على الأرض، ويحث الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب أي إجراءات قد تؤدي إلى تصعيد العنف. يبقى الوضع في الضفة الغربية هشًا وغير مستقر، ويتطلب جهودًا دولية مكثفة لتحقيق السلام والاستقرار.













