أظهرت دراسة علمية حديثة أن مرضى السكري من النوع الثاني يمكنهم تحسين تنظيم مستويات السكر في الدم من خلال زيادة التعرض لضوء النهار الطبيعي. توصلت الأبحاث، التي أجريت في هولندا ونشرت في دورية “سل ميتابوليزم”، إلى أن التعرض للإضاءة الطبيعية يؤثر إيجاباً على عملية الأيض لدى المرضى، مما قد يفتح آفاقاً جديدة في إدارة هذا المرض المزمن.
تأثير ضوء النهار الطبيعي على مرضى السكري من النوع الثاني
أجريت الدراسة في معهد “نيوتريم” للتغذية والبحوث الأيضية بجامعة ماستريخت في هولندا، وشملت 13 مريضًا مصابًا بالسكري من النوع الثاني. قام الباحثون بمراقبة مستويات الجلوكوز في الدم لدى المشاركين على مدار أربعة أيام، مع تعريضهم إما لضوء النهار الطبيعي أو للإضاءة الاصطناعية، مع الحفاظ على نظام غذائي وتمارين رياضية وأدوية ثابت.
نتائج الدراسة الرئيسية
أظهرت النتائج أن مستويات السكر في الدم ظلت أكثر استقرارًا في المجموعة التي تعرضت لضوء النهار الطبيعي مقارنة بالمجموعة التي تعرضت للإضاءة الاصطناعية. بالإضافة إلى ذلك، لاحظ الباحثون أن أجسام المشاركين في المجموعة التي تعرضت لضوء النهار الطبيعي قامت بحرق المزيد من الدهون كمصدر للطاقة، وتقليل الاعتماد على الكربوهيدرات.
وعند تحليل عينات من عضلات المشاركين، تبين أن الجينات المسؤولة عن الساعة البيولوجية للجسم كانت تعمل بشكل أكثر انتظامًا في ظل التعرض لضوء النهار الطبيعي. وهذا يشير إلى أن الإضاءة الطبيعية قد تساعد في تحسين معالجة المغذيات داخل العضلات، وبالتالي تنظيم مستويات السكر في الدم بشكل أفضل.
وفقًا للموقع الإلكتروني “ميديكال إكسبريس” المتخصص في الأبحاث الطبية، أكد الباحثون أن هذه النتائج تشير إلى أن التعرض للإضاءة الطبيعية له تأثير إيجابي على عملية الأيض لدى مرضى السكري من النوع الثاني، وقد يدعم أيضًا علاج بعض أمراض التمثيل الغذائي الأخرى. هذه النتائج تثير اهتماماً كبيراً في مجال صحة التمثيل الغذائي.
الساعة البيولوجية والإضاءة الاصطناعية
تأتي هذه الدراسة في وقت يزداد فيه قضاء الناس معظم أوقاتهم في الداخل، معتمدين على الإضاءة الاصطناعية. تشير التقديرات إلى أن ما بين 80% و 90% من سكان المجتمعات الغربية يقضون معظم حياتهم في أماكن مغلقة، مما يؤثر سلبًا على صحتهم العامة وساعتهم البيولوجية. هذا النمط من الحياة قد يؤدي إلى اضطرابات في وظائف الجسم الحيوية مثل الهضم وتنظيم درجة حرارة الجسم.
ومع ذلك، لم يتم حتى الآن دراسة تأثير ضوء النهار الطبيعي على مستويات الجلوكوز في الدم لدى مرضى السكري بشكل مفصل. هذه الدراسة الجديدة تسد هذه الفجوة المعرفية وتقدم رؤى قيمة حول العلاقة بين الإضاءة والصحة الأيضية. كما أن فهم تأثير الإضاءة على الصحة بشكل عام يزداد أهمية.
الآثار المترتبة على العلاج
تشير النتائج إلى أن زيادة التعرض لضوء النهار الطبيعي قد يكون استراتيجية بسيطة وفعالة لتحسين إدارة مرض السكري من النوع الثاني. قد يشمل ذلك قضاء المزيد من الوقت في الهواء الطلق، أو استخدام نوافذ أكبر في المنازل والمكاتب، أو حتى استخدام أجهزة تحاكي ضوء النهار الطبيعي. هذه التدخلات قد تكون مفيدة بشكل خاص للأشخاص الذين يعيشون في مناطق ذات أشعة شمس محدودة.
بالإضافة إلى ذلك، قد تساعد هذه النتائج في تطوير علاجات جديدة تستهدف الساعة البيولوجية لتحسين عملية الأيض لدى مرضى السكري. هذا المجال من البحث لا يزال في مراحله الأولى، ولكن لديه القدرة على إحداث ثورة في طريقة علاج هذا المرض.
من المتوقع أن يقوم الباحثون بإجراء المزيد من الدراسات لتأكيد هذه النتائج وتحديد الجرعة المثلى من ضوء النهار الطبيعي لتحقيق أقصى فائدة. كما أنهم يخططون لاستكشاف تأثير الإضاءة الطبيعية على أنواع أخرى من الأمراض المزمنة. سيتم نشر نتائج هذه الدراسات المتوقعة بحلول نهاية عام 2026، مما قد يوفر المزيد من التوجيهات حول كيفية استخدام الإضاءة لتحسين الصحة العامة.













