أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية عن تنفيذ 548 جولة رقابية على مواقع التعدين في مختلف مناطق المملكة خلال شهر سبتمبر الماضي. تهدف هذه الجولات إلى التحقق من التزام الشركات والمواقع بنظام الاستثمار التعديني، وتطبيق مبدأ التوجيه والإنذار قبل اللجوء إلى العقوبات. وتأتي هذه الجهود في إطار سعي الوزارة لتعزيز الشفافية والاستدامة في قطاع التعدين، وضمان حماية الثروات الوطنية.
ركزت هذه الحملات التفتيشية على التأكد من الالتزام بالمعايير البيئية والسلامة، بالإضافة إلى دقة البيانات المقدمة حول حجم الإنتاج والموارد المستغلة. وقد تنوعت المواقع المستهدفة لتشمل مناطق مختلفة تتركز فيها الأنشطة التعدينية، مما يعكس حرص الوزارة على تغطية شاملة للقطاع. وتعتبر هذه الجولات جزءًا من خطة أوسع لزيادة مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي.
جهود الرقابة على قطاع التعدين في السعودية
أكد المتحدث الرسمي لوزارة الصناعة والثروة المعدنية، جراح بن محمد الجراح، أن هذه الجولات الرقابية ليست مجرد عمليات تفتيش، بل هي آلية أساسية لضمان تطبيق نظام الاستثمار التعديني على أكمل وجه. وتسعى الوزارة إلى تطوير القطاع ليكون جاذبًا للاستثمارات المحلية والأجنبية، مع الحفاظ على البيئة وحقوق المجتمعات المحلية.
توزيع الجولات الرقابية على المناطق
ووفقًا لتفاصيل الجولات الرقابية، تصدرت منطقة المدينة المنورة قائمة المناطق التي شهدت أكبر عدد من الجولات بـ 165 جولة. يليها منطقة نجران بـ 80 جولة، ثم منطقة مكة المكرمة بـ 78 جولة. كما شملت الجولات المناطق الشمالية والشرقية والجنوبية، حيث نفذت 47 جولة في الرياض، و41 في تبوك، و34 في كل من عسير والمنطقة الشرقية، و28 في حائل، و24 في جازان، و11 في الباحة، و4 في الجوف، وجولتين في القصيم.
يعكس هذا التوزيع الجغرافي للجهود الرقابية التزام الوزارة بمراقبة الأنشطة التعدينية في جميع أنحاء المملكة. ويرجع هذا الاهتمام إلى الأهمية المتزايدة لقطاع التعدين في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وتنويع مصادر الدخل الوطني.
أهداف الرقابة وتأثيرها على الاستثمار
لا تقتصر أهداف الجولات الرقابية على مجرد رصد المخالفات، بل تتعدى ذلك إلى تقديم الدعم والتوجيه للشركات والمستثمرين. تسعى الوزارة إلى خلق بيئة استثمارية صحية تعتمد على الشفافية والالتزام بالمعايير.
وبحسب ما صرح به الجراح، فإن الوزارة تعمل على حماية المجتمعات المجاورة لمناطق التعدين، وضمان عدم تضررها من الأنشطة التعدينية. يشمل ذلك مراقبة مستويات التلوث، والتأكد من تطبيق إجراءات السلامة، والتحقق من قيام الشركات بمسؤولياتها الاجتماعية.
تسعى وزارة الصناعة والثروة المعدنية إلى تعظيم القيمة المضافة من الموارد المعدنية في المملكة، وزيادة جاذبية القطاع ليكون الركيزة الثالثة للصناعة الوطنية، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030. يُذكر أن القيمة التقديرية للثروات المعدنية في المملكة تبلغ حوالي 9.3 تريليونات ريال، موزعة على أكثر من 5,300 موقع. ويعتبر تحقيق الاستغلال الأمثل لهذه الثروات هدفًا استراتيجيًا رئيسيًا للوزارة.
هذه الجولات التفتيشية تساهم بشكل مباشر في تحسين بيئة الأعمال في قطاع المعادن. علاوة على ذلك، فإن تطبيق مبدأ الإنذار قبل العقوبة يهدف إلى تشجيع الشركات على الامتثال للوائح والأنظمة، وتجنب المخالفات. وينعكس ذلك إيجاباً على سمعة القطاع وثقة المستثمرين.
الوزارة تعمل أيضًا على تطوير البنية التحتية للقطاع، وتوفير الخدمات اللازمة لدعم المستثمرين. ويشمل ذلك تسهيل إجراءات الحصول على التراخيص، وتقديم الدعم الفني والمالي، وتوفير المعلومات اللازمة حول الفرص الاستثمارية المتاحة. هذه الجهود تهدف إلى جعل المملكة وجهة مفضلة للاستثمار في مجال الموارد المعدنية.
مع استمرار هذه الجهود، يتوقع أن تشهد المملكة تطورًا ملحوظًا في قطاع التعدين، وزيادة في مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي. تعتبر المتابعة المستمرة لنتائج الجولات الرقابية، وتقييم أثرها على القطاع، أمرًا بالغ الأهمية لضمان تحقيق الأهداف المرجوة. وستراقب الوزارة عن كثب تطورات السوق العالمية وتأثيرها المحتمل على قطاع التعدين المحلي.
تعتزم الوزارة الاستمرار في تنفيذ هذه الجولات الرقابية بشكل دوري ومنتظم، مع التركيز على المواقع التي تشهد نشاطًا كبيرًا في مجال التعدين. من المرجح أن يتم الإعلان عن نتائج الجولات القادمة في تقارير دورية، مما يتيح للجمهور والمستثمرين متابعة أداء القطاع وتطوراته. وستظل الوزارة ملتزمة بتطبيق أعلى معايير الشفافية والنزاهة في جميع أنشطتها.













