أقرت بكين تعديلات واسعة على قانون التجارة الخارجية، في خطوة تهدف إلى تعزيز قدرتها على إدارة النزاعات التجارية المتصاعدة، وتشديد الرقابة على الصادرات الاستراتيجية، بالتزامن مع سعيها لفتح المزيد من القطاعات الاقتصادية أمام الاستثمار الأجنبي. تأتي هذه التعديلات في وقت تشهد فيه العلاقات التجارية العالمية توترات متزايدة، خاصة بين الصين والولايات المتحدة.
دخلت هذه التعديلات حيز التنفيذ اعتبارًا من الأول من مارس/آذار 2026، وتمثل أوسع مراجعة للقانون منذ سنوات، وفقًا لوكالة الأنباء الصينية الرسمية “شينخوا”. تُظهر هذه الخطوة تحولًا في استراتيجية الصين نحو تبني أدوات أكثر فعالية في مواجهة التحديات التجارية العالمية.
أدوات قانونية لتعزيز التجارة الخارجية
تتيح التعديلات الجديدة لصانعي السياسات في بكين صلاحيات أوسع للرد على القيود التجارية التي تفرضها الدول الأخرى على الصادرات الصينية. يشمل ذلك فرض رسوم جمركية مضادة، أو قيود تنظيمية، أو حتى حظر كامل للصادرات، وذلك بهدف حماية المصالح التجارية الوطنية.
بالإضافة إلى ذلك، يمنح القانون المعدل السلطات الصينية القدرة على استخدام آليات مثل “القوائم السلبية” بشكل أكثر فعالية. تسمح هذه الآليات بفتح قطاعات كانت محظورة سابقًا أمام الشركات الأجنبية، مما يعزز الانفتاح التجاري ويجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
الرقابة على الصادرات الاستراتيجية
تولي التعديلات الجديدة اهتمامًا خاصًا بالرقابة على الصادرات الاستراتيجية، مثل المعادن النادرة والتكنولوجيا المتقدمة. تهدف هذه الرقابة إلى منع تسرب التكنولوجيا الحيوية إلى الخارج، وحماية الأمن القومي الصيني.
التجارة الرقمية والتجارة الخضراء
كما تركز التعديلات على قطاعات التجارة الرقمية والتجارة الخضراء، التي تعتبر محركات رئيسية للنمو الاقتصادي في المستقبل. تسعى الصين إلى أن تصبح رائدة عالمية في هذه المجالات، وتوفير بيئة تنظيمية داعمة لتطويرها.
تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة
تأتي هذه التعديلات في سياق سعي الصين لتقليل اعتمادها التجاري على الولايات المتحدة، وتنويع أسواقها التجارية. تسعى بكين إلى تعزيز علاقاتها التجارية مع دول أخرى، مثل دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا (آسيان)، ودول أفريقيا، وأمريكا اللاتينية.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تهدف أيضًا إلى إظهار أن الصين ملتزمة بتعزيز نظام التجارة العالمية القائم على القواعد، وأنها مستعدة للدفاع عن مصالحها التجارية بشكل حازم.
التحديات المستقبلية
من المتوقع أن تواجه الصين تحديات في تنفيذ هذه التعديلات، خاصة في ظل استمرار التوترات التجارية مع الولايات المتحدة. كما قد تواجه صعوبات في التوفيق بين حماية المصالح التجارية الوطنية وتعزيز الانفتاح التجاري.
في الختام، تمثل التعديلات الجديدة على قانون التجارة الخارجية الصيني خطوة مهمة نحو تعزيز مكانة الصين كقوة تجارية عالمية. سيكون من المهم مراقبة كيفية تنفيذ هذه التعديلات، وتأثيرها على العلاقات التجارية العالمية في المستقبل القريب.













