البصرة- تتكرر معاناة مزارعي الطماطم في محافظة البصرة في العراق كل عام جراء منافسة نظيرتها الإيرانية مما يؤدي إلى انخفاض أسعار محصولهم بشكل كبير مع فائض الإنتاج عن الحاجة ومنافسة نظيرتها المستوردة الأقل كلفة، مما يجعلهم غير قادرين على تغطية تكاليف الإنتاج وتحقيق أرباح مجزية.
وبالرغم من أن الزراعة تعتبر من القطاعات الحيوية في العراق، وتسهم في توفير الغذاء وفرص العمل وتحقيق التنمية المستدامة، فإن هذا القطاع يواجه تحديات كبيرة تعوق تطوره وتؤثر على قدرة الفلاحين على الاستمرار في زراعة أراضيهم خاصة مع استمرار تدفق الطماطم الإيرانية تارة من منافذ البصرة وتارة أخرى من منافذ إقليم كردستان.
أسعار لا تغطي التكاليف
ويقول أبو سيف الدراجي، وهو أحد المزارعين في البصرة، إن أسعار محصول الطماطم لا تتناسب مع التكاليف التي يتكبدها الفلاح.
وفي تعليق للجزيرة نت أوضح الدراجي أن “موسم محصول الطماطم في الزبير لا يزال مستمرًا وفي أوجه، والسوق الآن تغرق بطماطمها”، مشيرا إلى أن شكوى الفلاحين من تدني أسعارها يعود إلى الطماطم المستوردة من إيران عبر منافذ إقليم كردستان العراق.
وأوضح أن هذه الإجراءات أضرت كثيرًا بالمحافظة التي لا تجد تجاوبًا معها في قضية إغلاق منافذ المحافظات الأخرى في وقت ذروة المحصول المحلي.
وأضاف الدراجي أن صندوق الطماطم زنة 13 كيلوغرامًا يتراوح سعره بين 5 و6 آلاف دينار (3-4 دولارات)، وبالتالي فإن استفادة الفلاح تكون بسيطة أو معدومة في بعض الأحيان لوجود تكاليف أخرى مثل البذور والأسمدة وأكياس التغليف وأجور النقل وغيرها من التكاليف.
وأشار الدراجي إلى أن المواطن يبحث عن السلعة رخيصة الثمن والجيدة من دون مراعاة لمصلحة الفلاح أو المنتج المحلي، وهو معذور في هذا الأمر ولا يعنيه إن كانت هذه المحاصيل جاءت من الاستيراد أو التهريب أو من خلال الفلاح العراقي.
700 ألف طن من الطماطم إنتاجا في البصرة
وأكد مدير مديرية الزراعة بالبصرة، هادي حسين قاسم للجزيرة نت أن المساحات المزروعة بمحصول الطماطم في المحافظة تزيد على 21 ألف دونم، وتتركز في مناطق الزبير وسفوان، مشيرًا إلى أن الإنتاج المتوقع من هذا المحصول قد يصل إلى 700 ألف طن.
وأوضح قاسم أن دائرة التخطيط والمتابعة، قسم التسويق في وزارة الزراعة، هي المعنية بإعداد الروزنامة الزراعية، وتراقب الأسعار والأسواق، وفي حال وجود محصول فائض عن الحاجة، تصدر توجيهًا إلى هيئة الحدودية بعدم السماح بدخول هذا المحصول، وفي حال شحه، فإنها توجه بالسماح بدخوله.
وأضاف أن الطماطم هو المحصول الأهم في محافظة البصرة التي تشهد حاليًا ذروة الإنتاج، مؤكدا أن المساحات المزروعة “كبيرة جدا”.
وقال قاسم إنهم أعلنوا قبل أيام عن الاكتفاء الذاتي في محافظة البصرة، وبدؤوا بتسويق الفائض من هذه الكميات إلى كل المحافظات العراقية الأخرى بأسعار مناسبة.
إغلاق الحدود
فيما يتعلق بالحدود، أوضح قاسم أنها تابعة لهيئة المنافذ الحدودية وتدار من قبل الحكومة الاتحادية، وأن ثمة تركيز من قبل رئاسة الوزراء وتوجيهات من قبل وزارة الزراعة بغلق الحدود خلال هذه الفترة لمحصول الطماطم وبعض المحاصيل الأخرى، لكن الخرق الموجود والمستمر وعدم التزام إقليم كردستان بالروزنامة الزراعية يؤدي إلى دخول كميات كبيرة من الطماطم الإيرانية عبر تلك المنافذ للبصرة، وفق تعبيره.
ودعا قاسم جميع الجهات المعنية في وزارة الداخلية وهيئة المناطق الحدودية إلى التركيز والاهتمام الكبير بحماية المنتج المحلي وعدم السماح بدخول الطماطم الإيرانية إلى العراق.
أما ما يتعلق بمنع دخول المحاصيل المستوردة من إيران عبر باقي المحافظات إلى البصرة، فأوضح قاسم أن المهمة تقع على عاتق وزارة الزراعة وليس مديرية زراعة البصرة أو المديريات الأخرى، وأن ثمة توجيهات من قبل وزير الزراعة عباس جبر العلي المالكي بالتنسيق مع السلطات ووزارة الداخلية بالتجديد على التفتيش على هذه السيارات التي تنقل هذه الطماطم إلى محافظة البصرة.
وأعرب قاسم عن أمله في أن يتم السيطرة على دخول تلك المحاصيل المستوردة، مؤكدًا أن الكميات الكبرى الموجودة في الأسواق هي من المنتج المحلي.
وقال إنهم يأملون بأن يتم العمل على تشديد إجراءات منع دخول الطماطم المستوردة من إيران.
![أسعار محصول الطماطم لا تتناسب مع التكاليف الجزيرة](https://saudiwadi.com/wp-content/uploads/2025/02/454س-1738932582.jpg)
جودة المحصول المحلي
من جهته، أكد بائع الخضار ليث البصراوي أن أذواق المواطنين تختلف، فمنهم من يرغب بشراء الطماطم المحلية لجودة مذاقها وشكلها، منوهًا بأن ثمة مواطنين لا يرغبون بشراء الطماطم المستوردة، وخصوصًا الإيرانية، لأن مذاقها غير جيد مقارنة بالطماطم الزبيرية.
وأوضح في حديث للجزيرة نت أن الطماطم في الأسواق تنقسم بين عراقية وإيرانية، ونتيجة للمنافسة انخفض سعر المحصول العراقي، وقال إنه في حال حظر استيراد المستورد من إيران سترتفع أسعار المحلية بما يصب في مصلحة الفلاح.
وأضاف أن إغراق السوق بكميات تفوق حاجة المستهلك من الطماطم الإيرانية جعل الفلاح العراقي يخسر في بيع محاصيله التي انخفضت أسعارها لمستويات متدنية جدًا، حتى وصل سعر الصندوق أقل من سعر التكلفة في بعض الأحيان.
ولفت البصراوي إلى أن الطماطم العراقية المزروعة في منطقة الزبير من أفضل الأنواع من ناحية المذاق والشكل، مشيرا إلى أن فترة دخولها الأسواق لا تتعدى شهرا إلى شهر ونصف.