اختتم المؤتمر الدولي السادس للرعاية الصحية الأولية – قطر 2025 فعالياته في الدوحة، مسلطًا الضوء على أهمية تطوير المهارات البحثية لدى الأطباء وصناع القرار، وتعزيز دور الرعاية الصحية الأولية في تحقيق الوقاية الصحية والتخطيط الاستراتيجي. أكد المشاركون على ضرورة الاستثمار في الموارد اللازمة لدعم مؤسسات الرعاية الصحية الأولية، وتبني حلول مبتكرة لمواجهة التحديات الصحية المتزايدة.
وشهد المؤتمر، الذي استمر ثلاثة أيام، مشاركة واسعة من خبراء ومتخصصين في القطاع الصحي من مختلف أنحاء العالم، حيث تم تقديم ومناقشة أحدث الأبحاث والممارسات في مجال الرعاية الصحية الأولية. تضمنت التوصيات الرئيسية للمؤتمر التركيز على نمط الحياة الصحي، وإدارة السمنة كمرض مزمن، وتعزيز الصحة النفسية، وتكامل التقنيات الحديثة في تقديم الخدمات الصحية.
أهمية تعزيز المهارات البحثية في مجال الرعاية الصحية الأولية
أكدت الدكتورة مريم علي عبد الملك، المديرة العامة لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية ورئيسة المؤتمر، على أن تعزيز المهارات البحثية للأطباء والممارسين هو أمر بالغ الأهمية لتحسين جودة الرعاية الصحية المقدمة. وأضافت أن الأبحاث العلمية تساعد في فهم أفضل للاحتياجات الصحية للمجتمع، وتطوير استراتيجيات فعالة للوقاية والعلاج.
وبحسب توصيات المؤتمر، يجب توفير الدعم اللازم للمؤسسات البحثية في مجال الرعاية الصحية الأولية، وتشجيع التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الصحي. كما يجب الاستثمار في تدريب الكوادر الصحية على أساليب البحث العلمي، وتحليل البيانات، وتقييم البرامج الصحية.
التركيز على الصحة النفسية والوقاية من الاحتراق الوظيفي
أشار المؤتمر إلى تزايد أهمية الصحة النفسية، خاصة في ظل الظروف الضاغطة التي يمر بها العالم. ودعا إلى تعزيز برامج الصحة النفسية للمراهقين، وتوفير خدمات الكشف المبكر والعلاج المناسب. بالإضافة إلى ذلك، أكد المؤتمر على ضرورة الاهتمام بصحة الموظفين في القطاع الصحي، وتوفير بيئة عمل آمنة وداعمة للوقاية من الاحتراق الوظيفي.
وتشمل هذه الجهود توفير برامج للدعم النفسي، وتدريب المديرين على كيفية التعامل مع ضغوط العمل، وتعزيز ثقافة الاحترام والتقدير في مكان العمل. هذه الخطوات تساهم في تحسين أداء الكوادر الصحية، وتقليل معدلات التسرب الوظيفي.
تكامل التقنيات الحديثة في الرعاية الصحية
شدد المؤتمر على أهمية تبني التقنيات الحديثة في مجال الرعاية الصحية، مثل الصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي. واقترح توسيع خدمات الصحة الرقمية من خلال دعم أنظمة تبادل المعلومات الصحية وتطبيقات المرضى، وتسريع وتيرة تقديم الخدمات. كما دعا إلى تعزيز دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في السجل الطبي الإلكتروني، مع ضمان حماية خصوصية المرضى والمسؤولية السريرية.
بالإضافة إلى ذلك، أكد المؤتمر على ضرورة تعزيز سلامة الأدوية وتوحيد الإجراءات المتبعة على مستوى النظام الصحي. هذه الإجراءات تساهم في تقليل الأخطاء الطبية، وتحسين جودة الرعاية الصحية المقدمة.
وفي سياق متصل، أكدت الدكتورة مريم علي عبد الملك على أن المؤتمر تمكن من تحقيق نجاحات نوعية، وأن العمل الجماعي وروح الشراكة كانا من العوامل الرئيسية في هذا النجاح. وأشارت إلى أن أيام المؤتمر شهدت جلسات علمية وحلقات نقاشية تفاعلية، تناولت محاور الابتكار والتحول الصحي والوقاية وتعزيز صحة الإنسان.
من المتوقع أن تعمل مؤسسة الرعاية الصحية الأولية على ترجمة توصيات المؤتمر إلى خطط عمل ملموسة، بالتعاون مع الجهات المعنية في القطاع الصحي. سيتم التركيز على تطوير البرامج والمبادرات التي تعزز الرعاية الصحية الأولية، وتحسن جودة الخدمات المقدمة للمجتمع. كما سيتم متابعة التقدم المحرز في تنفيذ هذه الخطط، وتقييم الأثر الإيجابي على الصحة العامة. وتعتبر هذه الخطوات جزءًا من رؤية قطر 2030، التي تهدف إلى بناء نظام صحي متكامل ومستدام، قادر على تلبية احتياجات السكان المتزايدة.
وفي الختام، يمثل هذا المؤتمر خطوة مهمة نحو تطوير الرعاية الصحية الأولية في قطر، وتعزيز مكانتها كركيزة أساسية في النظام الصحي. ومن المنتظر أن تشهد السنوات القادمة مزيدًا من الاستثمارات والابتكارات في هذا المجال، بهدف تحقيق أفضل النتائج الصحية للمواطنين والمقيمين. وتشير التوقعات إلى أن الرعاية الصحية الأولية ستلعب دورًا محوريًا في مواجهة التحديات الصحية المستقبلية، مثل الأمراض المزمنة والشيخوخة السكانية.













