:
أعلن النظام العسكري في النيجر عن طرح اليورانيوم المنتج من قبل شركة “سومير” للبيع في السوق الدولية، وذلك بعد أشهر من تعليق حقوق التشغيل للشركة الفرنسية “أورانو”. يأتي هذا الإعلان في خضم توترات متصاعدة بين النيجر وفرنسا بشأن استغلال موارد البلاد الطبيعية، خاصةً بعد انقلاب عام 2023 وتولي المجلس العسكري السلطة.
الخطوة، التي أعلنت يوم الأحد، تتعلق باليورانيوم الذي كانت تنتجه “سومير” قبل إلغاء اتفاقية التشغيل في يونيو/حزيران الماضي. وتعتبر هذه المناجم من بين الأكبر في العالم، مما يجعل هذا القرار ذا أهمية استراتيجية كبيرة.
الخلاف حول استغلال اليورانيوم في النيجر
لطالما كان تعدين اليورانيوم في النيجر قضية حساسة، حيث يمثل مصدرًا رئيسيًا للدخل للبلاد، ولكنه أيضًا مرتبط بشكل وثيق بالمصالح الفرنسية. تتهم الحكومة النيجيرية فرنسا بالسعي إلى الحفاظ على سيطرتها على هذا المورد الاستراتيجي، وتقييد قدرة النيجر على الاستفادة الكاملة منه.
وصرح الجنرال عبد الرحمن تياني، رئيس المجلس العسكري، بأن النيجر تحتفظ بحقها الكامل في التصرف بثرواتها الطبيعية وبيعها لأي دولة ترغب في ذلك، وفقًا لقواعد السوق. ويأتي هذا التصريح كرد فعل على الإجراءات القانونية التي اتخذتها شركة “أورانو” لمحاولة استعادة حقوق التشغيل الخاصة بها.
اتهامات متبادلة وإجراءات قانونية
اتهمت حكومة النيجر فرنسا بـ”إغراقها في دعاوى قضائية لا تنتهي” بهدف منعها من بيع اليورانيوم بشكل مستقل. وقد صرح رئيس الوزراء النيجري علي محمد الأمين زين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي بأن بلاده تواجه “محاولات فرنسية لعرقلة استغلال مواردها”.
في المقابل، تسعى شركة “أورانو” إلى حماية استثماراتها وحقوقها القانونية من خلال إجراءات التحكيم الدولية. وتحتفظ الشركة رسميًا بحصة 60% في الشركات التابعة لها في النيجر، وتسعى لاستعادة السيطرة التشغيلية على المناجم.
توجّه النيجر نحو شراكات جديدة
بالتزامن مع التوتر مع فرنسا، بدأت النيجر في استكشاف شراكات جديدة في مجال التعدين، بما في ذلك روسيا. ففي يوليو/تموز الماضي، صرح وزير الطاقة الروسي سيرغي تسيفيليف بأن موسكو مهتمة بتعدين اليورانيوم في النيجر.
منذ انقلاب عام 2023، عززت النيجر علاقاتها مع روسيا، وطلبت المساعدة في مكافحة التمرد. كما اتهمت فرنسا بدعم “الجماعات الانفصالية” في البلاد. هذا التحول في السياسة الخارجية يعكس رغبة النيجر في تنويع علاقاتها وتقليل اعتمادها على القوى الاستعمارية السابقة.
تعتبر النيجر من بين أكبر منتجي اليورانيوم في العالم، حيث تحتل المرتبة السابعة. وفي عام 2022، شكل اليورانيوم الطبيعي من النيجر حوالي ربع الكمية الموردة لمحطات الطاقة النووية الأوروبية، وفقًا لبيانات منظمة “يوراتوم” الذرية. بالإضافة إلى اليورانيوم، تصدر النيجر أيضًا الذهب والفحم.
تأثير هذا القرار على سوق اليورانيوم العالمي غير واضح تمامًا في الوقت الحالي. يتوقع البعض ارتفاعًا في الأسعار، بينما يرى آخرون أن التأثير سيكون محدودًا، اعتمادًا على حجم اليورانيوم المعروض وقدرة النيجر على إيجاد مشترين جدد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مستقبل الاستثمارات الأجنبية في قطاع التعدين في النيجر يظل غير مؤكد. قد يؤدي هذا القرار إلى تثبيط المستثمرين الآخرين، مما قد يؤثر سلبًا على التنمية الاقتصادية للبلاد. الذهب والمعادن الثمينة الأخرى هي أيضًا من بين الموارد الطبيعية الهامة في النيجر.
الخطوات القادمة والتوقعات
من المتوقع أن تبدأ النيجر في عملية تحديد المشترين لليورانيوم في الأسابيع القادمة. وتشير التقارير إلى أن هناك اهتمامًا من دول مختلفة، بما في ذلك روسيا والصين. ومع ذلك، فإن الإجراءات القانونية التي اتخذتها شركة “أورانو” قد تؤخر أو تعقد عملية البيع.
يبقى من الضروري مراقبة التطورات السياسية والقانونية في النيجر وفرنسا، بالإضافة إلى ردود فعل السوق العالمية. كما يجب متابعة أي مفاوضات جديدة بين النيجر وشركائها المحتملين في مجال التعدين. الوضع الحالي يمثل تحديًا كبيرًا للنيجر وفرنسا، وقد يكون له تداعيات واسعة على المنطقة والعالم.













