طور باحثون في جامعة تارتو الإستونية أداة جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمساعدة أطباء الأشعة في الكشف عن سرطان الكلى بشكل أسرع وأكثر دقة. هذه التقنية المبتكرة، التي حصلت على علامة المطابقة الأوروبية (CE)، تمثل خطوة مهمة نحو تحسين التشخيص المبكر لهذا النوع من السرطان وتقييمه بشكل موثوق. وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه العالم نقصًا متزايدًا في أخصائيي الأشعة.
أداة الذكاء الاصطناعي للكشف عن سرطان الكلى: BMVision
الأداة، التي أُطلق عليها اسم BMVision، تستخدم تقنيات التعلم الآلي لتحليل صور التصوير المقطعي المحوسب (CT scans). تهدف إلى مساعدة أطباء الأشعة في تحديد الآفات السرطانية بدقة، وتمييزها عن الأورام الحميدة. نُشرت نتائج دراسة علمية حول الأداة في مجلة “كوميونيكيشنز ميديسن” (Communications Medicine)، وأظهرت نتائج واعدة في تحسين كفاءة ودقة التشخيص.
تحسينات في سرعة ودقة التشخيص
أظهرت الدراسة أن استخدام BMVision قلل من الوقت اللازم لتحديد وقياس الأورام الخبيثة بنحو الثلث. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت الأداة في تحسين دقة القياس وزيادة التوافق بين أطباء الأشعة المختلفين في تقييمهم للحالات. هذا التوافق المُحسن يقلل من احتمالية الأخطاء التشخيصية ويضمن حصول المرضى على الرعاية المناسبة.
وفقًا للباحثين، فإن هذه التقنية ليست مخصصة لاستبدال أطباء الأشعة، بل لتعزيز قدراتهم وتوفير دعم إضافي لهم. يأتي هذا في ظل الزيادة المستمرة في حجم فحوصات التصوير الطبي، مما يضع ضغطًا كبيرًا على المتخصصين.
تأثير عالمي محتمل
يُعد النقص في أخصائيي الأشعة مشكلة عالمية متزايدة، خاصة في البلدان النامية. يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي مثل BMVision أن تلعب دورًا حاسمًا في سد هذه الفجوة، من خلال تمكين أطباء الأشعة من معالجة عدد أكبر من الحالات بكفاءة ودقة أكبر. كما يمكن أن تساعد في تحسين الوصول إلى خدمات التشخيص في المناطق النائية أو التي تعاني من نقص في الموارد.
تعتبر تقنيات التصوير الطبي المتقدمة، مثل التصوير المقطعي المحوسب، ضرورية لتشخيص العديد من الأمراض، بما في ذلك السرطان. ومع ذلك، فإن تحليل هذه الصور يمكن أن يكون معقدًا ويستغرق وقتًا طويلاً. يهدف الذكاء الاصطناعي إلى تبسيط هذه العملية وتسريعها، مما يؤدي إلى تحسين نتائج المرضى.
أكدت الدكتورة بيلفي إلفيس، أستاذة الأشعة في مستشفى جامعة تارتو، أن إدخال هذه الأداة سيساهم بشكل كبير في تحسين جودة التشخيص والكشف المبكر عن أورام الكلى. وأشارت إلى أن الأداة تستخدم حاليًا لأغراض بحثية، ولكن يجري العمل على دمجها في سير العمل السريري الروتيني.
تُظهر هذه التطورات التقدم المتزايد في مجال الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، وقدرته على إحداث تغييرات إيجابية في الممارسة السريرية. وتشير إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي الحديثة ليست مجرد مفهوم نظري، بل هي قادرة على تقديم مساهمات ملموسة في تحسين صحة المرضى.
من المتوقع أن يتم الانتهاء من عملية دمج BMVision في سير العمل السريري في مستشفى جامعة تارتو بحلول الربع الأول من عام 2026. وستراقب الجامعة عن كثب تأثير الأداة على كفاءة التشخيص ودقة النتائج. كما تخطط الجامعة لاستكشاف إمكانية توسيع نطاق استخدام الأداة لتشمل أنواعًا أخرى من السرطان وأمراض التصوير الطبي.













