أعلنت السلطات التركية أنها طلبت مساعدة دولية في تحليل الصندوق الأسود للطائرة الخاصة التي تحطمت يوم 30 ديسمبر 2025، مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص، من بينهم محمد الحداد، المستشار الأمني لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية. التحقيق في حادث الطائرة يكتسب أهمية خاصة نظرًا للظروف السياسية الحساسة في ليبيا والزيارة الأخيرة للحداد لأنقرة.
وقع الحادث بالقرب من قرية كسيك كافاك في قضاء هايمانـا، بعد حوالي 40 دقيقة من إقلاع الطائرة من مطار أنقرة إيسنبوغا الدولي متجهة إلى طرابلس. وقد تم العثور على حطام الطائرة والصندوق الأسود، مما يمثل خطوة حاسمة في تحديد أسباب الكارثة.
التحقيق في حادث الطائرة والتعاون الدولي
أفاد المكتب الاتحادي الألماني للتحقيق في حوادث الطيران بأنه تلقى طلبًا من الجانب التركي لتقييم إمكانية قراءة بيانات الصندوق الأسود. وذكر المكتب أنه تواصل مع هيئة التحقيق في حوادث الطيران التركية لطلب صور للمسجلات، بهدف تحديد ما إذا كانت لديه القدرة التقنية اللازمة لتحليلها.
في حال تأكيد القدرة التقنية، سيتم نقل المسجلات إلى ألمانيا لقراءتها، على أن يتم تسليم البيانات المستخرجة إلى السلطات التركية التي تقود التحقيق. تأتي هذه الخطوة في إطار سعي تركيا للحصول على خبرات دولية لضمان شفافية وموضوعية التحقيق.
في وقت سابق، صرحت السلطات التركية بأن التحقيق سيجرى بإشراف “دولة محايدة”، مع ترجيح أن تكون ألمانيا هي تلك الدولة. كما ذكرت وزارة الخارجية الليبية أن المملكة المتحدة تلقت أيضًا طلبًا للمساعدة في التحقيقات.
الأسباب الأولية للحادث
تشير التحقيقات التركية الأولية إلى استبعاد فرضية العمل التخريبي، مع التركيز على احتمال وجود عطل فني. ووفقًا لرئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، برهان الدين دوران، فقد أبلغت الطائرة عن عطل فني وطلبت تنفيذ هبوط اضطراري قبل اختفاءها عن الرادار. هذا يشير إلى أن الطاقم كان على علم بوجود مشكلة، وحاولوا التعامل معها قبل وقوع الكارثة.
ومع ذلك، لم يتم تحديد طبيعة العطل الفني بعد، وسيعتمد التحقيق الدقيق على البيانات التي سيتم استخلاصها من الصندوق الأسود. والذي قد يكشف عن تفاصيل حاسمة حول الأحداث التي أدت إلى الحادث.
ضحايا حادث الطائرة والزيارة الأخيرة لأنقرة
تأكد مقتل ستة أشخاص في الحادث، وهم محمد الحداد، مستشاره محمد العساوي دياب، اللواء الفيتوري غريبيل، المستشار محمود القيطوعي، المصوّر محمد عمر أحمد محجوب، وطاقم الطائرة الفرنسي المكون من ثلاثة أفراد. الحادث يمثل خسارة كبيرة لليبيا، خاصة وأن الحداد كان شخصية مؤثرة في المشهد الأمني.
الزيارة الأخيرة للحداد إلى أنقرة، حيث التقى برئيس أركان الجيش التركي سلجوق بيرقدار أوغلو في 23 ديسمبر، أضافت بعدًا سياسيًا للحادث. تأتي هذه الزيارة في سياق تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، خاصة وأن تركيا تدعم حكومة الوحدة الوطنية الليبية المعترف بها دوليًا. وتتضمن هذه العلاقات اتفاقيات أمنية وعسكرية تهدف إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة.
ليبيا لا تزال تعاني من تداعيات الحرب الأهلية التي اندلعت بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي في عام 2011. تشهد البلاد صراعات داخلية حادة وتداخلًا في المصالح الخارجية، مما يعيق جهود تحقيق السلام والاستقرار. ينعكس هذا الانقسام السياسي في وجود حكومتين متنافستين، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا. الوضع السياسي الراهن في ليبيا (الوضع السياسي الليبي) يشكل تحديًا كبيرًا أمام جهود التنمية والازدهار.
من المتوقع أن تستمر السلطات التركية والألمانية في العمل بشكل وثيق لتحليل بيانات الصندوق الأسود وتحديد أسباب الحادث بشكل قاطع. من المرجح أيضًا أن تشارك هيئات تحقيق دولية أخرى في عملية التحقيق، لضمان الشفافية والموضوعية. النتائج النهائية للتحقيق قد تستغرق عدة أسابيع أو أشهر، وستكون حاسمة في تحديد المسؤولية واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.











