حذّرت المملكة المتحدة روسيا، يوم الأربعاء، من أنها مستعدة للرد على أي اعتداء على أراضيها، وذلك بعد رصد سفينة تجسس روسية تابعة للبحرية، “يانتار”، بالقرب من المياه البريطانية شمال اسكتلندا. يأتي هذا التحذير في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية وسباق التسلح المتزايد، مما يضع الأمن القومي البريطاني في دائرة الضوء. وتعتبر هذه الحادثة تصعيدًا في سلسلة من المواجهات البحرية الأخيرة بين البلدين.
أكد وزير الدفاع البريطاني، جون هيلي، أن السفينة الروسية استخدمت أشعة الليزر لاستهداف طياري طائرات المراقبة التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني أثناء قيامهم بمهمة مراقبة أنشطة السفينة. وأضاف هيلي، خلال خطاب ألقاه في لندن، أن بريطانيا تتبع “يانتار” عن كثب، وأنها مستعدة للتعامل مع أي تحرك جنوبًا نحو المياه الإقليمية البريطانية، لافتًا إلى أن السفينة تمثل تهديدًا محتملاً للبنية التحتية الحيوية.
تهديد البنية التحتية البحرية وزيادة الإنفاق الدفاعي
وفقًا لمسؤولين بريطانيين، تتمتع سفينة “يانتار” بقدرات متقدمة في مجال المراقبة والتخريب، وتشكل جزءًا من أسطول روسي يهدف إلى زعزعة استقرار البنية التحتية البحرية في المملكة المتحدة وحلفائها. ويشمل ذلك منشآت مثل خطوط الأنابيب والكابلات البحرية، والتي تعرضت لهجمات في بحر البلطيق في وقت سابق من هذا العام. التهديدات البحرية تتطلب استجابة قوية ومستدامة.
تتبع السفينة “يانتار” وتصعيد التوترات
يأتي تحذير هيلي في أعقاب سلسلة من الحوادث المتعلقة بسفينة “يانتار”. ففي العام الماضي، غادرت السفينة المياه البريطانية بعد تحذير رسمي، فيما تبعتها الفرقاطة “سومرست” التابعة للبحرية الملكية البريطانية عندما عبرت القناة الإنجليزية في يناير. وتؤكد هذه الحوادث على التصعيد المستمر في التوترات بين لندن وموسكو.
بالتزامن مع هذه التطورات، أعلن وزير الدفاع البريطاني عن خطط لزيادة الإنفاق الدفاعي، وذلك قبل الكشف عن الموازنة الجديدة للحكومة. يأتي هذا التعهد في ظل الضغوط المتزايدة لتعزيز القدرات الدفاعية في مواجهة التحديات المتزايدة من روسيا والصين وإيران. ومع ذلك، تواجه الحكومة خيارات مالية صعبة في ظل سعيها إلى تحقيق التوازن بين زيادة الإنفاق وتقليل العجز المالي.
تتضمن خطط زيادة الإنفاق بناء ما لا يقل عن ستة مصانع جديدة للذخيرة في مواقع مختلفة في جميع أنحاء المملكة المتحدة، من اسكتلندا إلى ويلز. وقد خصصت الحكومة بالفعل 1.5 مليار جنيه إسترليني (1.7 مليار يورو) لهذا المشروع، والذي من المتوقع أن يوفر الآلاف من فرص العمل ويساهم في تحفيز النمو الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، تهدف المملكة المتحدة إلى رفع الإنفاق الدفاعي إلى 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، بما يتماشى مع التزامات حلف شمال الأطلسي (الناتو).
ويتضمن هذا الالتزام تخصيص 3.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي الأساسي، و1.5٪ إضافية لمشاريع البنية التحتية الداعمة للدفاع الوطني. ووفقًا للإحصائيات الرسمية، أنفقت المملكة المتحدة حوالي 2.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع في العام الماضي. وقد صرّح وزير الدفاع البريطاني جون هيلي بأن “هذه حقبة جديدة من التهديد، وهي تتطلب حقبة جديدة من الدفاع، حقبة من القوة الصلبة والحلفاء الأقوياء والدبلوماسية الأكيدة”.
مستقبل العلاقة بين بريطانيا وروسيا
تصاعد التوترات بين المملكة المتحدة وروسيا يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقة الثنائية بين البلدين. وبينما تصر لندن على أنها مستعدة للدفاع عن أمنها القومي، تسعى موسكو إلى التأكيد على أنها لا تمثل تهديدًا لأي دولة. ومع ذلك، فإن أنشطة السفن الروسية بالقرب من المياه البريطانية، إلى جانب الاتهامات الموجهة لروسيا بالتدخل في الانتخابات وإطلاق هجمات إلكترونية، تزيد من حالة عدم الثقة بين الطرفين. الردع العسكري يبدو خيارًا رئيسيًا في الوقت الحالي.
من المتوقع أن تقدم الحكومة البريطانية موازنتها الجديدة في الأسابيع القادمة، والتي ستحدد مدى التزامها بزيادة الإنفاق الدفاعي. وسيراقب المراقبون عن كثب حجم التمويل المخصص للمشاريع الجديدة، وكذلك الإجراءات التي تتخذها الحكومة لتعزيز الأمن القومي. من الضروري أيضًا متابعة تطورات الوضع في بحر البلطيق، وتقييم مدى تأثير الهجمات على البنية التحتية البحرية على العلاقات بين الدول المعنية. مستقبلًا، سيتوقف الكثير على قدرة الأطراف المعنية على إدارة التوترات من خلال القنوات الدبلوماسية وتجنب أي تصعيد غير ضروري.













