اختر منطقتك 
اعلان
قال رئيس الوزراء دونالد توسك في خطابه أمام مجلس النواب: “لقد تحوّلت مشاورات الحلفاء للتو إلى طلب رسمي لتفعيل المادة الرابعة من معاهدة شمال الأطلسي. وتنص هذه المادة على وجوب التشاور بين الأطراف كلما رأت إحداها أن سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي أو أمنها مهدَّد”.
وأوضح توسك أن خطوة تفعيل المادة الرابعة جاءت بعد محادثات مع الرئيس البولندي كارول ناوروكي، وهو ما أكده الأخير أيضًا في تصريح للصحفيين.
وأضاف: “لقد سبق قرار تفعيل المادة 4 مشاوراتي مع الرئيس، وهي توصيتنا وقرارنا المشترك. أؤكد على هذا التعاون الجيد، لأننا جميعًا ندرك حجم الظروف السياسية التي نعمل في إطارها. الأمر ليس سهلاً، ونحن نعي تمامًا ما يفرّقنا والاختلافات القائمة بيننا، ولهذا أود أن أشدد بارتياح على أن تعاون مؤسسات الدولة كافة ورؤسائها كان بالفعل مثاليًا”.
وتنص المادة الرابعة من معاهدة شمال الأطلسي، المعروفة أيضًا باسم معاهدة واشنطن، على حق الدول الأعضاء في الحلف بعقد مشاورات مشتركة إذا اعتبر أي منها أن حدوده أو استقلاله السياسي أو أمنه مهدد.
وتتيح هذه المادة آلية للتحرك الدبلوماسي في مواجهة التهديدات المحتملة، قبل الانتقال إلى خطوات لاحقة ذات طابع عسكري.
تحليق طائرات مسيّرة من بيلاروس
وقد شدّد المسؤول البولندي على خطورة المنحى الجديد للهجوم قائلاً: “تم تسجيل تسعة عشر تجاوزًا وانتهاكًا محددًا، جرى رصدها بدقة. وبالطبع هذه ليست الأرقام النهائية”.
وأضاف: “المستجد، بالمعنى الأسوأ للكلمة، هو الاتجاه الذي انطلقت منه هذه الطائرات المسيّرة. فهذه هي المرة الأولى منذ اندلاع الحرب التي لا تأتي فيها من فوق الأراضي الأوكرانية نتيجة أخطاء أو استفزازات روسية محدودة، بل المرة الأولى التي يحلّق فيها عدد كبير من الطائرات المسيّرة مباشرة من بيلاروس”.
واستعرض رئيس الوزراء توسك مسار العملية بالتفصيل قائلاً: “رفعت وزارة الدفاع في بيلاروس مستوى جاهزية قواتها ووسائلها استنادًا إلى المعلومات المتوافرة. وإلى جانب الأنظمة الأرضية، جرى تفعيل طائرات الإنذار المبكر للعمليات الجوية. لقد كانت هذه عملية تابعة لحلف الناتو، حيث جرى تحويل طائرتين من طراز F-35 وطائرتين من طراز F-16، إضافة إلى مروحيات Mi-17 وطائرة Mi-24 وأخرى من طراز الصقر الأسود إلى منطقة العمليات المتوقعة. وحوالى الساعة 23:30 سُجّل أول انتهاك لأجوائنا، فيما وقع آخر انتهاك نحو الساعة 6:30 صباحًا”.
وحذّر رئيس الحكومة من أن “أي جسم مشبوه يشبه حطام الطائرات المسيّرة قد يشكل تهديدًا”.
وخلال إحاطة إعلامية سابقة، أكد توسك: “لقد نجحت الإجراءات، وكانت عملية اتخاذ القرار خالية من العيوب. تم القضاء على التهديد بفضل حزم القادة والجنود والطيارين، وكذلك بفضل دعم الحلفاء. نحن على الأرجح أمام استفزاز واسع النطاق، ونتشاور بشكل مستمر مع شركائنا في الحلف”.
وأضاف: “نحن نواجه وضعًا غير مسبوق عسكريًا ودبلوماسيًا. إنها المرة الأولى التي يتم فيها إسقاط طائرة روسية مسيّرة فوق أراضي إحدى دول الناتو. جميع حلفائنا يتعاملون مع الموقف بجدية تامة. لم تُسجّل أي إصابات، فيما لا يزال البحث جاريًا عن حطام الطائرات المسيّرة التي أُسقطت”.
وفي موازاة ذلك، دعا توسك إلى التزام الهدوء قائلاً: “لا يوجد ما يدعو للذعر، فالحياة ستستمر بشكل طبيعي. سنوافي المواطنين بكافة المستجدات ليكون هناك وضوح كامل حول ما يحدث في الأجواء البولندية وعلى حدودنا”.
كما حذّر من مخاطر المعلومات المضلّلة قائلاً: “أوجّه كلامي للجميع من دون استثناء، من سياسيين وصحفيين ومعلقين، بضرورة التحلي بأقصى درجات الحساسية تجاه محاولات التضليل والدعاية المعادية. فمنذ اللحظات الأولى للهجوم، كان الروس نشطين للغاية على شبكة الإنترنت”.
ناوروكي: تفعيل المادة 4 مطروح للنقاش
أدلى رئيس بولندا والقائد العام للقوات المسلحة كارول ناوروكي ببيان قال فيه: “انتهت العملية في الأجواء البولندية عقب الهجوم الليلي الواسع بالطائرات المسيّرة. علمت بالوضع في حوالي الساعة الثالثة صباحًا”، موضحًا أنه كان على تواصل مباشر مع رئيس هيئة الأركان البولندية ووزير الدفاع الجنرال كليش، الذي قاد العملية، ومع رئيس أركان الجيش البولندي الجنرال فيسواف كوكولا.
وأضاف ناوروكي: “خلال هذا الاجتماع ناقشنا إمكانية تفعيل المادة الرابعة من معاهدة الناتو، كما تناولنا الحاجة إلى تعزيز الدفاع البولندي ضد الطائرات المسيّرة في إطار التعاون مع الحلف”.
وأشار الرئيس إلى أنه تلقى تقريرًا مفصلًا من الجنرال كوكولا، الذي أكد أن الجيش سيقدم تحليلًا كاملًا لما جرى في غضون 48 ساعة، معلنًا أنه يعتزم عقد مجلس الأمن القومي خلال هذه المهلة.
ووصف ناوروكي الحادث بأنه “هجوم غير مسبوق في تاريخ حلف شمال الأطلسي”، موجّهًا شكره للطيارين والحلفاء على استجابتهم الفعّالة.
رئيس مجلس الأمن القومي: وضع غير مسبوق
أكد البروفيسور سلاومير تشينكيفيتش، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة البيلاروسية: “لقد أبلغني نظام دفاعنا والجيش وقيادة العمليات ورئيس الجمهورية ورئيس الوزراء أنه تم إسقاط بعض الطائرات المسيّرة، وأن التعاون بين المؤسسات يتم بشكل نموذجي”.
وأضاف: “الوضع غير مسبوق، فلم نشهد توغلًا بهذا الحجم للطائرات المسيّرة في الأجواء البولندية من قبل، وسنفعل كل ما يلزم لإبقاء المواطنين على اطلاع دائم”.
ودعا تشينكيفيتش إلى اعتماد البلاغات الرسمية الصادرة عن المديرية والمؤسسات المختصة، مشددًا في الوقت نفسه على أن “رد الفعل الذي حدث الليلة ما كان ليكون ممكنًا لولا تعاون الحلفاء”.
وزير الدفاع يقطع زيارته إلى لندن
قال وزير الدفاع الوطني ونائب رئيس الوزراء فلاديسلاف كوسينياك-كاميش، الذي قطع زيارته إلى لندن حيث التقى وزراء دفاع دول حلف الناتو، في تصريح عبر منصة X:
“بأمر من قائد العمليات في المنطقة العسكرية الروسية، جرى تفعيل الإجراءات الدفاعية على الفور. تعقبت أنظمة الرصد الرادارية البولندية والحليفة أكثر من عشرة أجسام انتهكت المجال الجوي. وبالنظر إلى احتمال أن تشكل هذه الأجسام تهديدًا، قرر قائد عمليات المنطقة الأمنية الروسية تحييدها. لقد جرى إسقاط الطائرات المسيّرة التي كان يُحتمل أن تشكل خطرًا، وتُنفَّذ حاليًا إجراءات البحث عن بقاياها وتحديد مواقعها”.
رئيس البرلمان: الهجوم على بولندا هو بمثابة هجوم على حلف الناتو برمّته
أكد رئيس مجلس النواب البولندي سيمون هولونيا على أهمية تضامن حلف الناتو: “اليوم، تتمثل إحدى المهام الأساسية التي تواجه بولندا في أن نتوقع بوضوح من حلف شمال الأطلسي، ومن الاتحاد الأوروبي ولكن قبل كل شيء من حلف الناتو، إعلانًا واضحًا وصريحًا: إن ما حدث اليوم في بولندا حدث بطريقة رمزية في إسبانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، وفي كل دولة من دول حلف شمال الأطلسي. لقد تم انتهاك المجال الجوي لحلف شمال الأطلسي”.
“اليوم ليس الوقت المناسب لتمييع المسؤولية، والاختباء تحت لحاف التوقعات الدبلوماسية. اليوم أصبحت بولندا مرة أخرى في قلب الحديث عن الأمن في أوروبا والعالم،أراضينا كانت مسرحًا للهجوم الليلة”.
وأكد هولونيا: “بولندا اليوم آمنة. بولندا اليوم تتواصل بوضوح وجلاء مع مواطنيها. لا يوجد سبب للذعر ولا سبب للخوف”.
فون دير لاين: أوروبا تتضامن مع بولندا
قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في خطابها السنوي أمام البرلمان الأوروبي: “لقد شهدنا انتهاكًا غاشمًا وغير مسبوق للمجال الجوي البولندي والأوروبي من قبل أكثر من عشر طائرات روسية مسيّرة من طراز شاهد. إن أوروبا تقف في تضامن كامل مع بولندا”.
وأضافت: “في الوقت الراهن، ما يبعث على الارتياح هو عدم وجود أي معلومات عن إصابات أو قتلى”.
كاتشينسكي: ما حصل ليس حادثًا عرضيًا
علّق رئيس حزب القانون والعدالة ياروسلاف كاتشينسكي قائلًا: “نحن نتعامل اليوم مع هجوم على بولندا. لم يعد الأمر حادثًا عرضيًا أو شيئًا يمكن عزوه إلى أفعال غير متوقعة، بل هو ببساطة هجوم”.
وأضاف أن “الهجوم له دلالة رمزية كبيرة أن يحدث ذلك في يوم نحن بأمسّ الحاجة فيه إلى الوحدة، بينما الذين يقفون دومًا ضدنا وضد بولندا يظهرون اليوم وقاحة أكبر من المعتاد”.
