أعرب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن ترحيبه باستقرار سوريا الجديدة ورغبته في دعمها، لكن المحللين السياسيين يرون أن هذا لا يعني بالضرورة ضغطًا أمريكيًا على إسرائيل لوقف عملياتها العسكرية في المنطقة. يأتي هذا التصريح في ظل تطورات إقليمية متسارعة وتغييرات في موازين القوى، مما يثير تساؤلات حول مستقبل سوريا وعلاقاتها مع القوى الإقليمية والدولية.
وأكد ترامب، في تصريحات له، رضاه التام عن النتائج التي تحققت في سوريا، مشيدًا بالعمل الجاد والعزيمة. ودعا في الوقت ذاته إسرائيل إلى إقامة حوار “قوي وحقيقي” مع دمشق، مع التأكيد على ضرورة ألا يعيق هذا الحوار استقرار وازدهار سوريا، مشيرًا إلى جهود الرئيس أحمد الشرع في هذا الإطار.
مستقبل سوريا: هل يضغط ترامب على إسرائيل؟
يرى جوشوا لاندس، مدير مركز الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما، أن تصريحات ترامب تعكس رغبة في مساعدة سوريا الجديدة، لكنها لا تعني بالضرورة تغييرًا في سياسته تجاه إسرائيل. ويشير إلى أن نتنياهو، الذي يواجه اتهامات دولية، لديه رؤيته الخاصة لتفسير هذه التصريحات وقد لا يرى في الشرع شريكًا قويًا.
إضافة إلى ذلك، يرى لاندس أن ترامب يسعى إلى إرضاء كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من خلال إظهار دعمه لسوريا، لكن التأثير الحقيقي يظل لإسرائيل في الناخب الأمريكي، وهو ما يجعله حذرًا في ممارسة أي ضغط حقيقي على تل أبيب.
التوازنات الإقليمية وتأثيرها على سوريا
وفي سياق متصل، يرى عمر إدلبي، الكاتب والمحلل السياسي، أن سوريا تسعى إلى استغلال موقف ترامب والدعم التركي والسعودي القطري من أجل التوصل إلى تسوية مع إسرائيل. لكنه يضيف أن هذه التسوية تتطلب ضغطًا أمريكيًا كبيرًا على نتنياهو، وهو أمر غير مرجح في ظل عدم رغبة الأخير في أي اتفاق مع سوريا.
ويعتقد إدلبي أن دمشق تعول على علاقاتها المتينة مع تركيا والسعودية وقطر بعد التغييرات الأخيرة، للحصول على دعم أمريكي لتعزيز استقرارها وقدرتها على مواجهة التحديات، وعلى رأسها التحدي الإسرائيلي. هذا الدعم يتضمن إلغاء العقوبات التي كانت مفروضة على سوريا، وهو ما أشار إليه ترامب في تصريحاته.
وقد زار المبعوث الأمريكي توم براك دمشق مؤخرًا، حيث بحث مع الرئيس الشرع آخر المستجدات في سوريا. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن اللقاء تم بحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني، ونشرت الوكالة صورًا للقاء.
على الصعيد الميداني، أفادت سانا بتوغل قوات الاحتلال الإسرائيلي في ريف القنيطرة الجنوبي، وتمركزها في قرية صيدا الحانوت، مع تحليق الطائرات المسيرة في سماء المنطقة. وقد تزامن هذا التوغل مع إطلاق نار في الهواء ونقل دبابات إلى ريف القنيطرة الشمالي.
وفي حادثة تصعيدية، قُتل 13 سوريًا في قصف مدفعي وصاروخي إسرائيلي استهدف بيت جن في ريف دمشق، بعد أن حاصر سكان البلدة جنودًا إسرائيليين. ورد الجيش الإسرائيلي بأن الهجوم يأتي في إطار عملية “سهم باشان” التي بدأت بعد التغييرات الأخيرة في سوريا، والتي تهدف إلى استهداف مواقع عسكرية والسيطرة على مناطق استراتيجية مثل جبل الشيخ والمنطقة العازلة.
الوضع في سوريا لا يزال معقدًا ومتغيرًا، ويتطلب مراقبة دقيقة للتطورات الإقليمية والدولية. من المتوقع أن تستمر المفاوضات بين سوريا والقوى المعنية، وأن تشهد المنطقة المزيد من التوترات والتحديات في الفترة القادمة. يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى قدرة سوريا على تحقيق الاستقرار والازدهار في ظل هذه الظروف، وما إذا كان ترامب سيتمكن من لعب دور فعال في هذا الإطار، مع الأخذ في الاعتبار التوازنات السياسية المعقدة والمصالح المتضاربة.













