تقدم محامٍ مصري ببلاغ رسمي للنائب العام يطالب بمنع عرض الفيلم السينمائي الجديد “سفاح التجمع” في دور العرض. يرى المحامي أن الفيلم، المستوحى من قضية قتل حقيقية هزت الرأي العام، قد يثير مشاعر أسر الضحايا ويتعارض مع القيم المجتمعية. هذا البلاغ يأتي في خضم جدل متزايد حول أخلاقيات تمثيل الجرائم الواقعية في الأعمال الدرامية.
الفيلم، الذي أعلن صنّاعه عن الانتهاء من تصويره مؤخرًا، يستند إلى قضية كريم سليم، المعروف إعلاميًا بـ “سفاح التجمع”، الذي حُكم عليه بالإعدام شنقًا في عام 2024 بتهمة قتل ثلاث فتيات وإلقاء جثثهن في الصحراء. وقد أثار هذا البلاغ تساؤلات قانونية حول حرية الإبداع وحدودها، وحقوق الضحايا وأسرهم.
الجدل حول فيلم “سفاح التجمع” وتداعياته القانونية
يركز البلاغ المقدم إلى النائب العام على أن الفيلم يعيد تمثيل أحداث إجرامية مؤلمة، مما قد يؤدي إلى إعادة فتح جروح عائلات الضحايا. ويعتبر المحامي أن عرض هذه التفاصيل قد يشكل إهانة لحرمة الموتى ويؤثر سلبًا على الصحة النفسية للمجتمع. بالإضافة إلى البلاغ، تم تقديم دعوى عاجلة أمام محكمة القضاء الإداري تطالب بوقف عرض الفيلم حتى يتم البت في مدى قانونيته.
تفاصيل القضية الأصلية
تعود القضية الأصلية إلى سلسلة جرائم قتل استهدفت فتيات في منطقة التجمع الخامس بالقاهرة. أدت التحقيقات إلى القبض على كريم سليم، الذي اعترف بارتكاب الجرائم. أثارت القضية غضبًا شعبيًا واسعًا، وطالب الرأي العام بتطبيق أقصى العقوبات على المتهم. الحكم بالإعدام الذي صدر في القضية كان بمثابة استجابة للضغط العام.
الفيلم: سرد درامي أم استغلال مؤلم؟
يطرح فيلم “سفاح التجمع” تساؤلات مهمة حول كيفية تعامل السينما مع القضايا الواقعية المأساوية. هل يمكن للعمل الدرامي أن يساهم في فهم أعمق للجريمة وأسبابها، أم أنه مجرد استغلال تجاري لمشاعر الناس؟ يرى البعض أن الفيلم قد يثير نقاشًا مجتمعيًا حول العنف والجريمة، بينما يرى آخرون أنه يركز بشكل مفرط على التفاصيل المروعة دون مراعاة الجوانب الإنسانية.
الفيلم من بطولة أحمد الفيشاوي، وسينتيا خليفة، وإنتصار، ومريم الجندي، وآية سليم، ومن تأليف وإخراج محمد صلاح العزب. وقد أثار اختيار هذه الأسماء من الممثلين اهتمامًا إعلاميًا واسعًا، حيث يعتبر أحمد الفيشاوي من أبرز نجوم السينما المصرية.
النقاش الدائر حول الفيلم ليس جديدًا على الساحة الفنية العربية. فقد واجهت العديد من الأعمال الدرامية التي تستند إلى قصص واقعية انتقادات مماثلة، خاصة عندما تتعلق هذه القصص بجرائم قتل أو أحداث مأساوية. هناك دائمًا خط رفيع بين حرية التعبير واحترام مشاعر الآخرين، وبين السرد الفني والاستغلال التجاري.
تتزايد المخاوف بشأن تأثير مثل هذه الأفلام على الشباب والمراهقين، حيث قد يتعرضون لمشاهد عنف وصدمة قد تؤثر على سلوكهم وتفكيرهم. ويطالب البعض بوضع ضوابط ومعايير أكثر صرامة لتنظيم إنتاج وعرض هذه الأعمال الدرامية، بهدف حماية المجتمع من الآثار السلبية المحتملة. الفيلم يثير أيضًا نقاشًا حول **الدراما الواقعية** وتأثيرها.
من جهة أخرى، يرى بعض المدافعين عن الفيلم أن حرية الإبداع حق مكفول، وأن الفنان يجب أن يكون حرًا في اختيار المواضيع التي يريد تناولها. ويؤكدون أن الفيلم لا يهدف إلى الإساءة إلى الضحايا أو أسرهم، بل إلى تقديم قصة إنسانية معقدة تثير التفكير والنقاش. كما يشيرون إلى أن الفيلم قد يساهم في تسليط الضوء على المشاكل الاجتماعية التي أدت إلى وقوع الجريمة.
تعتبر قضية “سفاح التجمع” مثالًا على التحديات التي تواجه صناع السينما في العالم العربي. فهم مطالبون بتحقيق التوازن بين حرية الإبداع والمسؤولية الاجتماعية، وبين السرد الفني واحترام القيم الأخلاقية. وهذا يتطلب منهم بذل جهد إضافي في البحث والتحليل، وفي التعامل مع القضايا الحساسة بحذر وتقدير. الفيلم يمثل تحديًا لـ **الإنتاج السينمائي** في مصر.
في الوقت الحالي، لا يزال مصير الفيلم معلقًا بانتظار قرار النائب العام والمحكمة المختصة. من المتوقع أن يتم النظر في البلاغ والدعوى المقدمتين خلال الأيام القليلة القادمة. وسيكون قرار المحكمة حاسمًا في تحديد ما إذا كان الفيلم سيُعرض في دور السينما أم لا. هذا القرار سيشكل سابقة مهمة في التعامل مع قضايا **الجرائم الواقعية** في الأعمال الدرامية.
ما يجب مراقبته في الأيام القادمة هو رد فعل السلطات القضائية على البلاغ المقدم، وكذلك رد فعل الرأي العام على الفيلم. من المرجح أن يستمر الجدل حول الفيلم حتى بعد عرضه، حيث سيثير تساؤلات حول أخلاقيات تمثيل الجرائم الواقعية وتأثيرها على المجتمع. الفيلم يثير جدلاً حول **الأعمال الدرامية** المستوحاة من أحداث حقيقية.













