انطلق “المنتدى الدولي للسلام والثقة” في عشق آباد، تركمانستان، يوم الجمعة، بمشاركة قادة دوليين بارزين، مسلطًا الضوء على أهمية التعاون الإقليمي في تعزيز الاستقرار. وتناول المنتدى قضايا متعددة، بما في ذلك الصراعات الجارية في غزة والتوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى البحث عن آفاق جديدة للشراكات الاقتصادية والأمنية. وتعد هذه القمة فرصة هامة لتبادل وجهات النظر حول سبل تحقيق السلام والثقة في عالم يشهد تحديات متزايدة.
شارك في المنتدى رؤساء روسيا وإيران وتركيا، بالإضافة إلى قادة من دول آسيا الوسطى ورئيس باكستان، مما يعكس الاهتمام المتزايد بهذه المنطقة كمركز للتفاعلات السياسية والاقتصادية. وتأتي هذه القمة في ظل الذكرى الثلاثين لحياد تركمانستان، وهو مبدأ يركز عليه المنتظمون كعامل مساهم في الاستقرار الإقليمي.
تعزيز العلاقات الثنائية وتنسيق المواقف
أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سلسلة من اللقاءات الثنائية على هامش المنتدى، بما في ذلك محادثات مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ووفقًا لبيان صادر عن الكرملين، أكد بوتين على سعي بلاده لتطوير علاقات “أكثر انفتاحًا وديمقراطية” مع شركائها، مشيدًا بشكل خاص بالعلاقات مع تركمانستان التي وصفها بأنها مبنية على “الجيرة والصداقة”.
وأضاف البيان أن بوتين وبزشكيان ناقشا التعاون الاقتصادي المتزايد بين البلدين، بما في ذلك مشاريع الطاقة والبنية التحتية مثل محطة بوشهر للطاقة النووية والممر الشمالي-الجنوبي. وأشار بوتين إلى ارتفاع حجم التبادل التجاري بين روسيا وإيران بنسبة 13% في العام الماضي و 8% أخرى هذا العام، مؤكدًا على التنسيق الوثيق بشأن البرنامج النووي الإيراني في الأمم المتحدة.
التركيز على الأوضاع في غزة والشرق الأوسط
خلال المنتدى، انتقد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بشدة ما وصفه بـ “الوحشية” التي يمارسها الكيان الصهيوني في غزة، مؤكدًا أن السلام العالمي لا يمكن أن يتحقق طالما استمرت هذه “المجازر”. ودعا بزشكيان المجتمع الدولي إلى الوقوف في وجه “الطغيان والغطرسة” والتمسك بميثاق الأمم المتحدة.
من جانبه، أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن قلقه إزاء هشاشة وقف إطلاق النار في غزة، مشددًا على الحاجة إلى دعم دولي قوي لضمان استدامته. وأكد أردوغان على أهمية إشراك الفلسطينيين في عملية السلام والتوصل إلى حل الدولتين.
صفقات عسكرية واقتصادية جديدة
كشفت تقارير إخبارية عن توقيع روسيا وإيران صفقة بقيمة 1.7 مليار دولار لشراء طائرات بدون طيار إيرانية. ويأتي هذا الاتفاق في سياق التقارب الاقتصادي والعسكري المتزايد بين البلدين منذ تدخل روسيا في أوكرانيا عام 2022. وتتهم الولايات المتحدة إيران بتزويد روسيا بصواريخ باليستية قصيرة المدى، وهو ما تنفيه طهران.
وتشير هذه الصفقات إلى رغبة كل من روسيا وإيران في تعزيز قدراتهما الدفاعية وتجاوز العقوبات الغربية. وتعتبر آسيا الوسطى منطقة ذات أهمية استراتيجية متزايدة لكلا البلدين، حيث تسعيان إلى توسيع نفوذهما الاقتصادي والسياسي.
بالإضافة إلى ذلك، أكدت مصادر أن روسيا تسعى إلى تعزيز التعاون مع دول آسيا الوسطى في مجالات الطاقة والنقل واللوجستيات، في ظل سعيها إلى تنويع شراكاتها التجارية والحد من اعتمادها على الغرب. وتعتبر هذه المنطقة بمثابة ممر حيوي للتجارة بين روسيا وآسيا، مما يجعلها ذات أهمية خاصة لموسكو.
في المقابل، تسعى إيران إلى تعزيز مكانتها في المنطقة من خلال بناء علاقات قوية مع دول آسيا الوسطى، وتقديم نفسها كشريك موثوق به في مجالات الأمن والطاقة. وتأمل طهران في أن تساهم هذه الشراكات في تخفيف الضغوط الدولية والعقوبات الغربية المفروضة عليها.
من المتوقع أن تستمر المشاورات بين قادة روسيا وإيران وتركيا في الأشهر المقبلة، بهدف تنسيق مواقفهم بشأن القضايا الإقليمية والدولية. وستركز هذه المشاورات بشكل خاص على الأوضاع في غزة وسوريا وأوكرانيا، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني في المنطقة. ويجب مراقبة التطورات في هذه المنطقة عن كثب، حيث يمكن أن يكون لها تأثير كبير على مستقبل السلام والثقة في المنطقة والعالم.













