بقلم: يورونيوز
نشرت في
في الأسابيع الأخيرة، شوهدت مروحيات “ليتل بيرد” الصغيرة و”بلاك هوك” التابعة للفوج الجوي الأمريكي السري للعمليات الخاصة رقم 160، المعروف باسم “صيادو الليل”، تحلّق على مقربة من فنزويلا.
هذا الفوج، الذي يعدّ من أكثر وحدات الطيران سرية وكفاءة في الجيش الأمريكي، يضم طيارين وصفهم الكاتب العسكري ستيفن هارتوف بأنهم “سائقو الفورمولا 1 في عالم الطيران”، نظراً لدقتهم وقدرتهم على تنفيذ مهام معقدة في أصعب الظروف.
وتندرج هذه التحركات ضمن عملية انتشار عسكري أوسع في الكاريبي، شهدت كذلك تحليق قاذفات “بي-52” ومقاتلات “إف-35” في الأجواء الإقليمية. وتأتي المهمة في سياق تصعيد أمريكي واضح ضد الرئيس الفنزويلي مادورو، إذ يعتقد كثيرون أن واشنطن تسعى لإرغامه على التنحي.
وكان ترامب قد أكد علنًا أنه سمح لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA) بتنفيذ عمليات سرية داخل فنزويلا، متباهياً بأن مادورو “لا يريد العبث مع الولايات المتحدة”. ومنذ أيلول/سبتمبر، قُتل ما لا يقل عن 27 شخصًا في ضربات صاروخية أمريكية استهدفت ما قيل إنها سفن تهريب مخدرات في الكاريبي.
من العراق إلى باكستان.. سجلّ “صيادي الليل”
تأسس فوج “صيادي الليل” عام 1981، ومنذ ذلك الحين شارك طيّاروه في أبرز المهام العسكرية الحساسة، من محاربة “داعش” في العراق وسوريا إلى نقل قوات “نايفي سيلز” لاغتيال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن ضمن عملية “رمح نبتون” في باكستان، وغيرها من المهمات.
يتخصص الفوج في إنزال وحدات النخبة مثل “القبعات الخضراء” و”دلتا فورس” في مناطق النزاع، وغالباً ما ينفذ مهامه في الليل لتفادي التعقب. كما يُعرف عنه قدرته على إدخال وإخراج “العملاء” من الأراضي بدقة متناهية.
ورغم كفاءته العالية، لم يسلم الفوج من الخسائر، ففي عام 1993 أُسقطت مروحيتان تابعتان له في مقديشو خلال معركة استمرت يومين، قُتل فيها خمسة من عناصره، وأصبحت لاحقًا موضوع فيلم “بلاك هوك داون” للمخرج ريدلي سكوت، موثقًا مقتل مئات المدنيين خلال الاشتباكات.
تصعيد أمريكي وتحذيرات إقليمية
التصعيد الأمريكي الأخير في الكاريبي، الذي شمل نشر سبع سفن حربية في المنطقة وأخرى في خليج المكسيك، أثار قلقًا واسعًا من احتمال انزلاق الأوضاع نحو مواجهة مباشرة.
ففي تصريحاته الأخيرة، قال ترامب إن وكالة الاستخبارات المركزية “تسيطر جيدًا على البحر” وإن واشنطن “تنظر الآن إلى البرّ”، في إشارة فسّرها كثيرون كتمهيدٍ لتدخلٍ عسكري محتمل في فنزويلا.
وقد حذّر الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا من مغبة التدخل الخارجي في “قارة خالية من أسلحة الدمار الشامل”، فيما اتهم سفير فنزويلا لدى الأمم المتحدة، صامويل مونكادا، الولايات المتحدة بالسعي إلى “غزو وتحويل البلاد إلى مستعمرة”، مؤكداً وجود مروحيات أمريكية قرب ترينيداد.
ورداً على التصعيد، نشرت فنزويلا عشرات الآلاف من جنودها قرب الحدود مع كولومبيا الأسبوع الماضي، معتبرة أن الضربات البحرية الأمريكية الأخيرة مقدّمة لهجوم أوسع، وقد تحدث مادورو عن وجود ميليشيا “قادرة على تعبئة ملايين المتطوعين”.
في المقابل، يرى بعض المراقبين أن تحركات ترامب قد تكون مجرد استعراض قوة يهدف إلى الضغط السياسي على مادورو وكبار ضباطه، أكثر من كونها مقدمة لعمل عسكري شامل. ومع ذلك، فإن وجود “صيادي الليل” على مقربة من السواحل الفنزويلية يبقى رسالة واضحة: واشنطن مستعدة لاستخدام أوراقها الأكثر سرية، إذا قررت أن الوقت حان للتحرك.