عاد الحديث عن إخفاقات 7 أكتوبر إلى الواجهة بقوة في إسرائيل، مع الكشف عن تسجيلات جديدة لرئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي تكشف عن مدى نجاح حركة حماس في تضليل المؤسسة الأمنية لسنوات. وتأتي هذه التطورات في ظل أزمة داخلية متصاعدة في وزارة الدفاع الإسرائيلية، تهدد بتعطيل التعيينات العسكرية العليا والتحقيقات الجارية في ملابسات الهجوم.
خلافات داخل وزارة الدفاع تعطل التعيينات العسكرية
أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، يوم الاثنين، تجميد جميع التعيينات العسكرية رفيعة المستوى لمدة 30 يومًا، مطالبًا بإعادة فحص شامل للتحقيق الذي أجراه الجيش حول إخفاقات 7 أكتوبر. ووفقًا لبيان صادر عن مكتبه، كلف كاتس يائير فولانسكي، مراقب جهاز الأمن، بإعادة تقييم تقرير “ترجمان” الذي يقيّم أداء الجيش قبل وأثناء الهجوم.
يصر كاتس على أن التحقيق الأولي لم يتناول جوانب حاسمة، وأن بعض الاستنتاجات لم تخضع لتدقيق كافٍ. ويهدف هذا الإجراء، بحسب مصادر في الوزارة، إلى وضع معايير واضحة وموحدة للمساءلة وتحديد المسؤوليات.
رد فعل رئيس الأركان
في المقابل، أعرب رئيس الأركان الحالي إيال زامير عن استغرابه من هذه الخطوة، مؤكدًا أن تقرير “ترجمان” هو نتاج سبعة أشهر من العمل الدؤوب بمشاركة ضباط رفيعي المستوى. وأشار زامير، وفقًا لما نقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية، إلى أن الهدف من التقرير هو تحسين أداء الجيش وليس استخدامه كأداة في صراعات سياسية داخلية.
وحذر زامير من أن تجميد التعيينات سيؤثر سلبًا على قدرة الجيش على العمل ويعيق سير العمل في القيادة. وتشير التقارير إلى أن هذا الخلاف يعطل تعيينات حيوية، بما في ذلك منصب الملحق العسكري في واشنطن، وقيادة سلاحي الجو والبحرية، بالإضافة إلى تأخير ترقيات سبق الموافقة عليها.
هاليفي يكشف عن تضليل حماس الممنهج
في سياق متصل، كشفت القناة 12 الإسرائيلية عن تسجيلات جديدة لرئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي، يتحدث فيها عن تفاصيل جديدة حول كيفية نجاح حماس في خداع إسرائيل على مدى سنوات. وأوضح هاليفي أن الحركة استخدمت واجهات مدنية، مثل تصاريح العمل والمساعدات الإنسانية ومشاريع البنية التحتية، لخلق انطباع زائف بأنها تسعى إلى تحسين الأوضاع المعيشية في قطاع غزة.
وأضاف هاليفي أن إسرائيل فسرت ضبط حماس لسلوك حركة الجهاد الإسلامي على أنه محاولة للحفاظ على الاستقرار، مما عزز الاعتقاد السائد داخل المؤسسة الأمنية بأن حماس لا تسعى إلى مواجهة عسكرية. ووفقًا لتصريحاته، تبنت جميع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بما في ذلك الجيش والمخابرات والشاباك والموساد، هذه القراءة الخاطئة.
وأكد هاليفي أن حماس نجحت في “تنويم إسرائيل” من خلال سلسلة من الخطوات المدروسة التي بدت في ظاهرها مؤشرات على التهدئة. وأشار إلى أن قمع حماس للتظاهرات بالقرب من السياج الحدودي قبل أسابيع من الهجوم، والذي اعتبر في ذلك الوقت دليلًا على رغبتها في الهدوء، كان في الواقع جزءًا من خطة تضليل شاملة.
واختتم هاليفي حديثه بالاعتراف بفشل الجيش، قائلاً: “لقد فشل الجيش. كنت رئيس الأركان في ذلك اليوم، وسأتحمل مسؤولية ذلك حتى يوم مماتي”. وتأتي هذه التصريحات في إطار نقاش عام متزايد حول أسباب إخفاقات 7 أكتوبر والمسؤولية عن الهجوم.
تداعيات التحقيقات والمساءلة
تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه إسرائيل ضغوطًا متزايدة لتقديم مساءلة كاملة عن إخفاقات 7 أكتوبر. وتتركز الجهود حاليًا على تحديد المسؤولين عن التقصير في الاستعداد للهجوم، وتقييم مدى تأثير التضليل الذي مارسته حماس على عملية صنع القرار في المؤسسة الأمنية. كما أن مسألة الأمن القومي أصبحت محور اهتمام بالغ.
من المتوقع أن يستمر الجدل السياسي حول هذه القضية في الأيام والأسابيع القادمة، مع احتمال أن تؤدي التحقيقات إلى تغييرات كبيرة في القيادة العسكرية والأمنية. وسيتابع المراقبون عن كثب نتائج إعادة تقييم تقرير “ترجمان” في غضون 30 يومًا، وما إذا كانت ستؤدي إلى تغييرات في مسار التعيينات العسكرية أو إلى فتح تحقيقات جديدة. كما أن مستقبل العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية يظل غير واضحًا في ظل هذه التطورات.












