تُظهر بيانات جديدة أن الزيادات الأخيرة في الرسوم الجمركية الأمريكية بدأت تؤثر على الاقتصاد العالمي، على الرغم من أن التأثير الأولي كان أقل حدة مما توقع صانعو السياسات والشركات. وتشير التقارير إلى أن هذه الآثار من المرجح أن تستمر خلال العام المقبل، وتؤثر على معدلات النمو في مناطق مختلفة حول العالم.
ووفقًا لما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال، فقد شهدت بعض الاقتصادات الرئيسية، مثل اليابان وسويسرا، انكماشًا في الربع الثالث من العام، ويرجع ذلك جزئيًا إلى ارتفاع التكاليف الناجمة عن الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على السلع المستوردة. كما تأثرت اقتصادات المكسيك وأيرلندا بشكل مماثل، حيث تعتبران من بين أكبر موردي السلع إلى السوق الأمريكية.
التأثيرات المتباينة على النمو الاقتصادي العالمي
على الرغم من هذه الانكماشات، إلا أن هناك بعض الإشارات الإيجابية في مناطق أخرى. فقد شهدت كوريا الجنوبية ومنطقة اليورو نموًا متسارعًا في الربع الثالث، مما يشير إلى أن بعض الاقتصادات قد تكون قادرة على التكيف مع التغيرات في المشهد التجاري العالمي. كما حافظت ألمانيا وإيطاليا على استقرار إنتاجهما بعد فترة من الانكماش.
ويرجع هذا الأداء المتباين إلى عدة عوامل، بما في ذلك النمو القوي في بداية العام حيث سارعت الشركات إلى تخزين البضائع قبل تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة. كما ساهمت في ذلك مرونة بعض الاقتصادات وقدرتها على تنويع أسواقها التجارية. وتعتبر هذه العوامل مهمة في فهم ديناميكيات التجارة العالمية الحالية.
دور الاستثمار في الذكاء الاصطناعي
تشير وول ستريت جورنال إلى أن جزءًا من الصدمة الأولية للرسوم الجمركية قد خفف بسبب الارتفاع الكبير في الاستثمارات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. وقد أدى ذلك إلى زيادة الطلب على أشباه الموصلات والمعالجات وأجهزة الكمبيوتر والخوادم، مما ساعد في تعويض تباطؤ بعض قطاعات الاستيراد والتصدير.
ومع ذلك، تؤكد الصحيفة أن هذا التعويض قد يكون مؤقتًا، وأن التأثيرات السلبية للرسوم الجمركية ستظهر بشكل أكبر في المستقبل. هناك أيضًا حالة من عدم اليقين بشأن السياسات التجارية الأمريكية المستقبلية، مما يزيد من صعوبة التنبؤ بمسار النمو الاقتصادي العالمي.
توقعات متغيرة وقيود البيانات
وقد رفعت المفوضية الأوروبية توقعاتها للنمو في عام 2025، ولكنها خفضت في الوقت ذاته توقعاتها للعام المقبل، معتبرة أن تأثير الرسوم الجمركية “لم يتم إلغاؤه بل تأخر وانخفض”. وتضيف التقارير أن غياب بيانات النمو الأمريكية للربع الثالث، بسبب الإغلاق الحكومي الأخير، يعقد عملية تقييم الأداء الاقتصادي العالمي بشكل شامل.
وتشير تقديرات صادر عن جي بي مورغان إلى أن الاقتصاد الأمريكي قد يكون نما بنسبة 3٪ على أساس سنوي في الربع الثالث، وهو ما يمثل تباطؤًا مقارنة بنمو بلغ 3.8٪ في الربع الثاني. وفي حال تأكدت هذه التقديرات، فمن المرجح أن يكون النمو العالمي أضعف قليلاً في الربع الثالث.
بشكل عام، تشير البيانات الأولية إلى أن الرسوم الجمركية الأمريكية بدأت بالفعل في التأثير على الاقتصاد العالمي، ولكن هذا التأثير لم يزل متفاوتًا وغير واضح تمامًا. من المتوقع أن تستمر هذه الآثار في المستقبل، ولكن من الصعب تحديد مدى حدتها. وسيتطلب الأمر المزيد من البيانات والتحليلات لتقييم الوضع بشكل كامل، وخاصةً عند صدور بيانات النمو الأمريكية للربع الثالث. من المهم مراقبة تطورات السلوك التجاري العالمي، والسياسات التجارية الأمريكية، والاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة لفهم اتجاهات النمو المستقبلية.












