دمشق – شهدت أسعار خدمات الاتصالات والإنترنت في سوريا ارتفاعاً حاداً، يصل في بعض الحالات إلى 1000%، بعد قيام شركتي سيريتل وإم تي إن بتفعيل باقات جديدة وإلغاء باقات “الساعات” التي كانت متاحة سابقاً. أثار هذا الارتفاع استياءً واسعاً بين المواطنين السوريين الذين عبروا عن تذمرهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مطالبين بمراجعة هذه الزيادات وتوفير خدمات بجودة أفضل، خاصةً مع تزايد الاعتماد على الإنترنت في مختلف جوانب الحياة.
وبدأت الشركتان بتطبيق هذه التغييرات في بداية شهر ديسمبر الحالي، مما أدى إلى تقليص خيارات الباقات المتاحة للمشتركين من حوالي 200 باقة إلى 15 باقة فقط. ويشتكي السوريون من أن الأسعار الجديدة مرتفعة جداً، ولا تتناسب مع جودة الخدمة المقدمة، التي يعانون من ترديها وضعف سرعة الاتصال.
ارتفاع أسعار باقات الإنترنت والاتصالات
وتشير البيانات إلى أن أسعار الباقات اليومية ارتفعت بشكل ملحوظ، حيث وصلت إلى 6 آلاف ليرة سورية (حوالي 0.54 دولار أمريكي) مقارنة بـ 500 ليرة سورية سابقاً، أي بزيادة قدرها 1100%. كما ارتفعت أسعار الباقات الأسبوعية والشهرية بشكل كبير، حيث وصلت باقة 3 أشهر إلى 300 ألف ليرة سورية (حوالي 27.27 دولار أمريكي).
وقد أثار هذا الارتفاع تساؤلات حول مدى قدرة المواطنين على تحمل هذه التكاليف الإضافية، خاصةً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها سوريا. ويرى مراقبون أن هذه الزيادات قد تؤدي إلى تراجع عدد المشتركين في خدمات الإنترنت والاتصالات، مما يؤثر سلباً على عملية التواصل والوصول إلى المعلومات.
في المقابل، أصدرت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السورية بياناً طالبت فيه الشركتين بتقديم توضيحات رسمية حول آليات التسعير الجديدة، والتحسينات المتوقعة في جودة الخدمة، والمؤشرات القابلة للقياس. وأكدت الوزارة أنها ستقوم بمتابعة الأمر بشكل دقيق، وقد تتخذ إجراءات رقابية، بما في ذلك فرض غرامات، في حال تبين وجود أي مخالفات.
تفاعل المواطنين واستيائهم
تفاعل السوريون بشكل واسع مع قرار رفع الأسعار، وأطلقوا حملات على وسائل التواصل الاجتماعي لمقاطعة الشركتين احتجاجاً على تردي جودة الخدمة. وعبر العديد من المواطنين عن غضبهم واستيائهم من هذه الزيادات، التي يرونها غير مبررة، خاصةً وأن جودة خدمات الاتصالات في سوريا لا تزال متدنية.
وقال عبد الله العبدو، موظف في قطاع التعليم من ريف دمشق، إن ارتفاع الأسعار سيؤثر بشكل كبير على ميزانية الأسرة، خاصةً مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية. وأضاف أن جودة الإنترنت سيئة للغاية، ولا تلبي احتياجات الطلاب والموظفين، الذين يحتاجون إلى اتصال سريع وموثوق به لإنجاز مهامهم.
وأشارت زينب عمار، من حلب، إلى أن وزارة الاتصالات يجب أن تتدخل بشكل عاجل لتعديل هذا القرار، وضمان حصول المواطنين على خدمات جيدة بأسعار معقولة. ودعت إلى السماح بدخول شركات جديدة إلى السوق، لزيادة المنافسة وتحسين جودة الخدمات.
غياب المنافسة وتحديات البنية التحتية
وأكد مدير الإعلام في وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، عمار التكلة، أن الوزارة لا تفكر حالياً في إدخال مشغل اتصالات ثالث إلى السوق السورية. وأوضح أن المشكلة الأساسية لا تكمن في عدد الشركات، بل في غياب المنافسة الحقيقية بين الشركتين الحاليتين، اللتين تقدمان عروضاً متشابهة جداً.
وأضاف التكلة أن الوزارة تعمل على تحسين جودة الخدمات المقدمة من قبل الشركتين، وتوسيع التغطية الجغرافية، وتقليل الانقطاعات. وأشار إلى أن ضعف الشبكة في ساعات الذروة يرجع إلى الضغط الهائل على الأبراج، الذي يصل في بعض الأحيان إلى 70% من طاقتها التصميمية.
وفيما يتعلق بالاستثمار، أوضح التكلة أن الوزارة تسعى إلى جذب استثمارات خارجية لتحديث البنية التحتية لقطاع الاتصالات، وتحسين جودة الخدمات. وأضاف أن الوزارة تدرس عدة مقترحات ومشاريع من شركات أجنبية مهتمة بالاستثمار في هذا القطاع.
وتعتبر سوريا من بين الدول الأقل سرعة في الإنترنت على مستوى العالم، حيث يبلغ متوسط السرعة 3.5 ميغابايت في الثانية. وتشير التقديرات إلى أن تحسين البنية التحتية وزيادة المنافسة سيسهمان في رفع سرعة الإنترنت وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
من المتوقع أن تقوم وزارة الاتصالات بتقييم ردود الشركتين على طلب التوضيح خلال الأسابيع القليلة القادمة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان حقوق المشتركين وتحسين جودة الخدمات الرقمية. وستشمل هذه الإجراءات أيضاً متابعة تنفيذ خطط الشركتين لتوسيع التغطية الجغرافية وتحديث البنية التحتية، وهو ما يتطلب جهوداً كبيرة واستثمارات ضخمة. يبقى التحدي الأكبر هو إيجاد حلول مستدامة لرفع جودة الاتصالات وتوفيرها بأسعار مناسبة لجميع شرائح المجتمع السوري.













