يمثل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لخمس نقاط جنوب لبنان العائق الأكبر أمام إتمام الجيش اللبناني لمهمة حصر السلاح في المناطق المتفق عليها، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701. هذا حصر السلاح يواجه صعوبات جمة بسبب الوضع الميداني المعقد والقيود المفروضة على حركة الجيش.
في الوقت الذي يسعى فيه الجيش اللبناني إلى إكمال مهمة حصر السلاح بيد الدولة، تواصل إسرائيل احتلال مرتفعات اللبونة، وجبل بلاط، وجل الدير، والدواوير، وتل الحمامص، بالإضافة إلى سيطرتها الكاملة على الأجواء اللبنانية. هذا الاحتلال يعيق بشكل مباشر قدرة الجيش على تنفيذ مهامه بشكل كامل وفعال.
تحديات تواجه عملية حصر السلاح
وفقًا للتحليلات العسكرية، فإن الاحتلال الإسرائيلي لهذه المناطق يمنع الجيش اللبناني من إكمال مهمته التي كان من المفترض أن تنتهي بنهاية العام الجاري. العميد حسن جوني، خبير عسكري، أكد أن هذا الوضع يشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق الاستقرار في المنطقة.
بالإضافة إلى انتشار القوات الإسرائيلية، يعاني الجيش اللبناني من نقص حاد في المعدات اللازمة لكشف الألغام ونزعها، وكذلك نقص في الموارد المالية ووسائل القتال والمراقبة، بما في ذلك وسائل كشف الأنفاق. هذا النقص يضعف قدرة الجيش على التعامل مع التحديات الأمنية المتزايدة.
أقامت إسرائيل جدارًا عازلاً في يارون ومارون الراس، لكن بعض المراقبين يرون أن هذا الجدار يتعلق بضرورات عملياتية مؤقتة وليس استراتيجية طويلة الأمد. ومع ذلك، يثير وجود هذا الجدار تساؤلات حول النوايا الإسرائيلية.
انتهاكات وقف إطلاق النار
طوال العام الماضي، لم تلتزم إسرائيل ببنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان ينص على وقف العمليات والانسحاب الكامل من جنوب لبنان، مبررة ذلك بمخاوف أمنية. في المقابل، التزم حزب الله بالاتفاق بشكل عام.
ومع ذلك، نفذت إسرائيل مئات الخروقات وقتلت العديد من قادة حزب الله العسكريين، واستهدفت عشرات المواقع المدنية بحجة احتوائها على أسلحة أو استخدامها من قبل الحزب. هذه الخروقات تزيد من التوتر في المنطقة وتهدد بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار.
رفع مستوى التفاوض الدبلوماسي
ومع تزايد المخاوف من انهيار الاتفاق بشكل كامل، يحاول الوسطاء نزع فتيل الأزمة من خلال مباحثات سياسية. تشير المصادر إلى أن لقاء رأس الناقورة الأخير شهد رفعًا لمستوى المشاركة الإسرائيلية في المفاوضات المباشرة مع لبنان.
أفادت القناة 15 الإسرائيلية أن يوسي درازنين، نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، حضر لقاء رأس الناقورة الذي شارك فيه مبعوث لبناني ومبعوثان أميركيان. هذا يدل على اهتمام إسرائيل المتزايد بإيجاد حل سياسي للأزمة.
وبحسب موقع أكسيوس الأميركي، فإن الاجتماع يركز رسميًا على التعاون الاقتصادي على طول الحدود، لكن الهدف الحقيقي هو منع استئناف الحرب. هذا يشير إلى أن الأطراف المعنية تدرك خطورة الوضع وتسعى إلى تجنب التصعيد.
تزامن هذا الحراك الدبلوماسي مع اجتماع في باريس ضم مسؤولين فرنسيين وأميركيين وسعوديين لبحث دعم الجيش اللبناني. خلال الاجتماع، أكد قائد الجيش اللبناني رودولف هيكل أن الجيش يبذل جهودًا كبيرة لضمان أمن لبنان وتطبيق المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح.
وعرض هيكل التقدم المحرز في تنفيذ حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وتحدث عن احتياجات الجيش اللبناني للاستمرار في القيام بهذا العمل، مشيرًا إلى وجود إجماع على توثيق هذا التقدم بشكل جدي والعمل في إطار آلية مراقبة وقف إطلاق النار. هذا الدعم الدولي ضروري لتمكين الجيش اللبناني من القيام بمهامه بفعالية.
المستقبل والتحديات القادمة
من المتوقع أن تستمر المفاوضات الدبلوماسية في الأيام والأسابيع القادمة، مع التركيز على إيجاد حلول عملية لتحديات حصر السلاح وتحقيق الاستقرار في المنطقة. يبقى الانسحاب الإسرائيلي من المناطق المحتلة شرطًا أساسيًا لإتمام عملية حصر السلاح بشكل كامل.
ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من العقبات التي يجب التغلب عليها، بما في ذلك التوترات السياسية المستمرة والمخاوف الأمنية المتبادلة. من الضروري مراقبة التطورات على الأرض والتطورات الدبلوماسية عن كثب لتقييم فرص تحقيق الاستقرار الدائم في جنوب لبنان. الوضع الأمني والسياسي يتطلب يقظة مستمرة وجهودًا متواصلة من جميع الأطراف المعنية.













