أظهرت دراسة حديثة أن مرضى السكري من النوع الثاني الذين يتناولون أدوية تحاكي عمل هرمون “جي إل بي-1” (GLP-1) قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسعال المزمن. الدراسة، التي شملت بيانات واسعة النطاق، سلطت الضوء على ارتباط محتمل بين هذه الأدوية، بما في ذلك أوزمبيك ومونجارو، وزيادة خطر استمرار السعال لأكثر من شهرين. هذا الاكتشاف يثير تساؤلات حول الآثار الجانبية لهذه الأدوية الشائعة لعلاج مرض السكري.
تم جمع البيانات المستخدمة في الدراسة من الولايات المتحدة بين عامي 2005 و 2025، وشملت أكثر من مليوني شخص مصاب بداء السكري من النوع الثاني. أكثر من 400 ألف من هؤلاء المرضى كانوا يتناولون أدوية تعتمد على هرمون GLP-1، مثل سيماجلوتايد، وهو المكون النشط في أوزمبيك. النتائج نشرت في دورية الجمعية الطبية الأمريكية لطب الأنف والأذن والحنجرة.
الارتباط بين أدوية GLP-1 والسعال المزمن
وفقًا للباحثين، زاد احتمال الإصابة بسعال مزمن يستمر لأكثر من شهرين بنسبة 12% لدى المرضى الذين يتناولون أدوية GLP-1 خلال فترة خمس سنوات من بدء العلاج. هذا الارتباط يثير قلقًا خاصًا نظرًا للزيادة الكبيرة في استخدام هذه الأدوية في السنوات الأخيرة.
آلية العمل المحتملة
تعمل أدوية GLP-1 عن طريق الارتباط بمستقبلات هرمون GLP-1 في البنكرياس، مما يؤدي إلى زيادة إفراز الإنسولين استجابة لارتفاع مستويات السكر في الدم. بالإضافة إلى ذلك، تبطئ هذه الأدوية إفراغ المعدة وتعمل على تقليل الشهية. يعتقد الباحثون أن تباطؤ عملية الهضم قد يزيد من خطر الإصابة بارتجاع المريء، وهو عامل معروف يسبب السعال.
ومع ذلك، تشير الدراسة إلى أن الارتباط بين الأدوية والسعال ظل قائماً حتى في المرضى الذين لم يعانوا من أعراض ارتجاع المريء. وهذا يشير إلى أن هناك آلية أخرى غير مفهومة تمامًا قد تكون مسؤولة عن هذا التأثير الجانبي المحتمل. قد يكون هناك تأثير مباشر للهرمون على الأعصاب في الجهاز التنفسي، وهو ما يتطلب المزيد من البحث.
تعتبر أدوية GLP-1 خيارًا علاجيًا شائعًا لمرض السكري من النوع الثاني بسبب فعاليتها في التحكم في نسبة السكر في الدم والمساعدة في فقدان الوزن. ومع ذلك، من المهم أن يكون الأطباء والمرضى على دراية بجميع الآثار الجانبية المحتملة، بما في ذلك السعال المزمن.
تأثيرات على الممارسة السريرية
يوصي الباحثون الأطباء بأخذ هذا الارتباط المحتمل في الاعتبار عند تشخيص حالات السعال المزمن، خاصةً لدى المرضى الذين يتناولون أدوية GLP-1. يجب على الأطباء الاستفسار عن استخدام هذه الأدوية كجزء من التاريخ الطبي الشامل للمريض. قد يساعد هذا في تحديد السبب المحتمل للسعال وتوجيه العلاج المناسب.
الدكتورة أنكا باربو، من مركز سيدارز سيناي الطبي في لوس أنجلوس، شددت على أهمية الوعي بهذه العلاقة الجديدة بين أدوية GLP-1 والسعال. وأضافت أن الأطباء يجب أن يكونوا مستعدين لطرح أسئلة حول استخدام هذه الأدوية أثناء تقييم المرضى الذين يعانون من السعال المزمن.
من المهم ملاحظة أن هذه الدراسة تظهر ارتباطًا، وليست علاقة سببية. هذا يعني أنه لا يمكننا القول بشكل قاطع أن أدوية GLP-1 تسبب السعال المزمن. ومع ذلك، فإن قوة الارتباط التي وجدها الباحثون تشير إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من التحقيق.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على المرضى عدم التوقف عن تناول أدوية السكري الخاصة بهم دون استشارة الطبيب. قد يكون هناك خيارات علاجية بديلة متاحة، ولكن من المهم مناقشة هذه الخيارات مع أخصائي الرعاية الصحية.
في المستقبل، من المتوقع إجراء المزيد من الدراسات لتحديد الآلية الدقيقة التي تربط بين أدوية GLP-1 والسعال المزمن. ستساعد هذه الدراسات أيضًا في تحديد المرضى الأكثر عرضة للإصابة بهذا التأثير الجانبي. من المرجح أن يتم تحديث إرشادات العلاج بناءً على هذه النتائج الجديدة بحلول نهاية عام 2026، مما قد يؤثر على كيفية وصف هذه الأدوية ومراقبة المرضى الذين يتناولونها.













