دمشق – في ظل تعثر المفاوضات السورية الإسرائيلية، تشهد العلاقات العسكرية بين سوريا وروسيا تصعيداً ملحوظاً. حيث أجرت قيادات عسكرية مشتركة جولة تفقدية في مناطق جنوب سوريا، بالتزامن مع إعلان دمشق عن تعزيز التعاون العسكري مع موسكو. يشير هذا التطور إلى محاولة سورية لتعويض أي فراغ أمني قد ينتج عن تجميد الحوار مع تل أبيب، وتركيزها على تدعيم تحالفها الاستراتيجي مع روسيا.
وأكدت وزارة الدفاع السورية عقد اجتماع بين مسؤولين سوريين وروسيين في دمشق، ناقش آليات التعاون العسكري وتبادل الخبرات، بهدف تعزيز القدرات الدفاعية لكلا البلدين. وتأتي هذه الخطوة بعد زيارة حديثة لرئيس الوزراء السوري إلى موسكو، مما يعكس أهمية هذه العلاقة في المرحلة الراهنة.
تعزيز التعاون العسكري السوري الروسي
وبحسب مصادر عسكرية سورية، فإن الجولة التفقدية التي أجراها الوفد المشترك ركزت على تقييم حالة المنشآت العسكرية في جنوب البلاد، والتي تعرضت لبعض الأضرار خلال السنوات الماضية. ويشمل ذلك إعادة تأهيل منظومات الأسلحة الروسية الصنع، وضمان جاهزيتها للعمل. يهدف هذا الجهد إلى استعادة القدرة الردعية للجيش السوري في مواجهة أي تهديدات محتملة.
وكشفت المصادر أن الجانب الروسي قدم دعماً فنياً ولوجستياً لإعادة ترميم وتحديث بعض المواقع العسكرية، فضلاً عن تقديم مقترحات لتعزيز التدريب والتأهيل العسكري. يشمل ذلك تدريب الكوادر السورية على استخدام التقنيات والأسلحة الحديثة، وتبادل الخبرات في مجالات الدفاع والأمن.
أهداف الزيارة الروسية
تضمنت الزيارة الروسية أيضاً إجراء مسح شامل للاحتياجات العسكرية السورية، بهدف تحديد أنواع وكميات الأسلحة والمعدات المطلوبة لتعزيز الجيش السوري. وتأتي هذه الخطوة في إطار التعاون الاستراتيجي طويل الأمد بين البلدين في مجال التسليح والدفاع.
وبحسب محللين عسكريين، فإن روسيا تسعى من خلال هذا التعاون إلى الحفاظ على نفوذها في سوريا، وتعزيز دورها كلاعب رئيسي في المنطقة. كما تهدف إلى ضمان استقرار سوريا، ومنع تحولها إلى بؤرة للتوتر والصراعات.
في سياق منفصل، نقلت وكالة رويترز عن مصادر سورية أن الحكومة السورية طلبت من روسيا ضمانات بعدم تسليح الجماعات المسلحة المتبقية في مناطق جنوب سوريا، والتي تتهمها بالولاء لإسرائيل. وفشلت محاولات التعليق من وزارة الدفاع الروسية حول هذا الأمر حتى لحظة كتابة هذا الخبر.
وفي تصريح لـ الجزيرة، أشار المحلل السياسي رامي الشاعر إلى أن التنسيق العسكري بين سوريا وروسيا سيستمر في ظل التحديات الإقليمية، وأن العلاقات بين البلدين مبنية على الثقة والاحترام المتبادل. وأضاف أن سوريا تسعى إلى بناء علاقات متوازنة مع جميع الأطراف، بما في ذلك الدول الغربية، دون المساس بتحالفها الاستراتيجي مع روسيا.
ويأتي هذا التصعيد في العلاقات العسكرية السورية الروسية بالتزامن مع تعثر مفاوضات السلام السورية الإسرائيلية، التي توسطت فيها عدة دول، بما في ذلك روسيا. وقد ألقى الجانب الإسرائيلي باللوم على سوريا في تعثر المفاوضات، بسبب رفضها تقديم تنازلات حول ملف الجولان المحتل. في المقابل، تتهم سوريا إسرائيل بتصلب مواقفها، وعدم جدية سعيها للسلام.
التطورات المستقبلية
من المتوقع أن تستمر سوريا وروسيا في تعزيز تعاونهما العسكري في الفترة المقبلة، في ظل استمرار التحديات الأمنية والسياسية في المنطقة. ومن المرجح أن يشهد جنوب سوريا تركيزاً خاصاً للجهود الروسية السورية، بهدف استعادة الاستقرار ومنع أي تصعيد عسكري. تبقى المتابعة الدقيقة للتطورات على الأرض، والتفاعلات الإقليمية والدولية، أمراً ضرورياً لتقييم الوضع بشكل كامل.













