من المقرر أن يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فلوريدا يوم الأحد لمناقشة سبل التوصل إلى تسوية سلمية في الحرب الروسية الأوكرانية. يأتي هذا اللقاء بعد أسابيع من المحادثات الدبلوماسية المكثفة بين كييف وواشنطن، حيث أعرب الطرفان عن أمله في تحقيق تقدم ملموس نحو إنهاء الصراع. وتتركز الجهود الحالية على إيجاد حلول بشأن الضمانات الأمنية والتعاون الاقتصادي، بالإضافة إلى القضايا المعقدة المتعلقة بالأراضي الأوكرانية المحتلة، وهو ما يمثل جوهر مفاوضات السلام في أوكرانيا.
أكد الرئيس ترامب أنه يرى “فرصة جيدة” للتوصل إلى سلام، مشيرًا إلى اعتقاده بأن روسيا مهتمة أيضًا بالتوصل إلى اتفاق. في الوقت نفسه، أشار زيلينسكي إلى أن فرق التفاوض قد أعدت “مسودات أولية للعديد من الوثائق” التي ستشكل أساس المناقشات في مار-أ-لاغو. يأتي هذا الاجتماع في ظل استمرار القصف الروسي على المدن الأوكرانية، بما في ذلك العاصمة كييف، مما يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه أي عملية سلام.
مفاوضات السلام في أوكرانيا: القضايا المطروحة والآمال المعلقة
تتضمن القضايا الرئيسية التي سيتم تناولها خلال الاجتماع الضمانات الأمنية لأوكرانيا، والتعاون الاقتصادي المستقبلي، ومستقبل الأراضي المتنازع عليها. وبالنسبة للضمانات الأمنية، يرى زيلينسكي أن اتفاقًا مع الولايات المتحدة “جاهز تقريبًا”، معربًا عن استعداده للتوقيع الأولي عليه. هذا الاتفاق الثنائي، إذا تم التوصل إليه، لا يتطلب موافقة روسيا.
الضمانات الأمنية والتعاون الاقتصادي
أما فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي، فقد أوضح زيلينسكي أن هناك “مسودات أساسية” فقط في هذه المرحلة، وأن المناقشات ستركز على تحديد الاتجاه المستقبلي لهذا التعاون. تعتبر هذه الجوانب حيوية لإعادة بناء أوكرانيا وتعزيز استقرارها بعد الحرب.
قضية الأراضي: التحدي الأكبر
تظل مسألة الأراضي هي القضية الأكثر تعقيدًا في مفاوضات السلام في أوكرانيا. تواصل روسيا المطالبة بالسيطرة على مناطق واسعة في شرق أوكرانيا، وهو مطلب ترفضه كييف بشكل قاطع. واقترحت واشنطن تحويل هذه المناطق إلى مناطق اقتصادية حرة كحل وسط، بينما تطالب أوكرانيا بتجريدها من السلاح ووضعها تحت إشراف دولي لضمان الاستقرار.
بالإضافة إلى ذلك، يمثل مستقبل محطة زابوريجيزيا للطاقة النووية، وهي أكبر محطة في أوروبا وتخضع للسيطرة الروسية، نقطة خلاف رئيسية. تقترح الولايات المتحدة إنشاء كونسورتيوم يضم أوكرانيا وروسيا، مع حصة متساوية لكل طرف، بينما تفضل أوكرانيا مشروعًا مشتركًا بينها وبين الولايات المتحدة، بحيث تقرر واشنطن كيفية تخصيص حصة روسيا المحتملة.
وأكد زيلينسكي أن أوكرانيا لن تعترف بأي تنازلات إقليمية، حتى لو تطلب الأمر إجراء استفتاء أو تعديلات تشريعية. ومع ذلك، أشار إلى أن هذه الخطوات لا يمكن اتخاذها في ظل استمرار الهجمات الروسية.
وفي سياق متصل، أعرب زيلينسكي عن إدانته للهجوم الصاروخي الروسي الأخير على كييف، واصفًا إياه بأنه “رد فعل على المفاوضات السلمية”. وأكد أن الأولوية القصوى هي الحصول على ضمانات أمنية قوية لحماية أوكرانيا من أي عدوان مستقبلي.
تتزامن هذه الجهود الدبلوماسية مع تواصل الدعم الغربي لأوكرانيا، حيث أجرى زيلينسكي محادثات مع قادة كندا والدول الأوروبية، بهدف تعزيز القدرات الدفاعية لبلاده وتأمين “سلام عادل ودائم يحافظ على سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها”، وفقًا لتصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. كما أن تعزيز القدرات الدفاعية لأوكرانيا يعتبر “جزءًا لا يتجزأ من أمن قارتنا”.
تعتبر هذه المفاوضات فرصة حاسمة لإنهاء الصراع الدامي في أوكرانيا، ولكنها تواجه تحديات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بمسألة الأراضي. من المتوقع أن تركز المناقشات في فلوريدا على إيجاد حلول عملية لهذه القضايا، وتحديد الخطوات التالية نحو تحقيق السلام في أوكرانيا.
في الوقت الحالي، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الاجتماع بين ترامب وزيلينسكي سيؤدي إلى انفراجة دبلوماسية ملموسة. ومع ذلك، فإن مجرد عقد هذا اللقاء يمثل خطوة إيجابية نحو إيجاد حل سلمي للأزمة. سيكون من المهم مراقبة التطورات في الأيام القادمة، وتقييم مدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات من أجل تحقيق السلام الدائم.
من بين الأمور التي يجب مراقبتها رد فعل روسيا على أي اتفاق محتمل بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، وموقف المجتمع الدولي من أي حلول مقترحة. كما أن استمرار القصف الروسي على المدن الأوكرانية يمثل تهديدًا لعملية السلام، ويؤكد على الحاجة الملحة إلى وقف إطلاق النار.












