أصدرت المحكمة الاقتصادية بالقاهرة حكمًا بسجن فتاة لمدة ثلاثة أشهر وغرامة مالية قدرها 20 ألف جنيه مصري، وذلك لإدانتها بسبّ وقذف الفنان محمد نور عبر منصة التواصل الاجتماعي “فيسبوك”. يأتي هذا الحكم في إطار تشديد الرقابة على جرائم الإنترنت وحماية الشخصيات العامة من التشهير والإساءة عبر وسائل التواصل الرقمي. وقد صدر الحكم اليوم الأربعاء، بعد جلسات تحقيق ومداولة استمرت لعدة أشهر.
تفاصيل القضية وتصاعد حالات السب والقذف عبر الإنترنت
تعود جذور القضية إلى منشورات أثارتها المتهمة على حسابها الشخصي على “فيسبوك”، حيث وجهت عبارات اعتبرها الفنان محمد نور مسيئة ومهينة. دفع ذلك الفنان إلى تقديم بلاغ رسمي للجهات المختصة، مطالباً بالتحقيق في الأمر واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. وتشير الإحصائيات إلى تزايد ملحوظ في قضايا السب والقذف عبر الإنترنت في مصر خلال السنوات الأخيرة.
تحقيقات النيابة والأدلة المقدمة
أكدت تحقيقات النيابة العامة أن المتهمة استخدمت حسابها على “فيسبوك” لنشر محتوى يهدف إلى الإساءة إلى الفنان محمد نور، مما تسبب له في أضرار نفسية وأدبية. وقد استندت النيابة في اتهامها إلى أقوال الفنان نور وشهادة خبراء في مجال تكنولوجيا المعلومات.
إنكار المتهمة وتفنيد دفاعها
في البداية، أنكرت المتهمة صحة الاتهامات الموجهة إليها، مدعية أن الحساب المذكور لا يخصها وأنها لم تقم بنشر أي محتوى مسيء. لكن إدارة البحث الجنائي بالإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات قدمت أدلة قاطعة تثبت أن الحساب الإلكتروني يعود إليها بالفعل وأنها المستخدمة الفعلية له. وقد تمكنت الإدارة من تتبع نشاط الحساب وتحديد هوية المتهمة بناءً على بياناتها الشخصية وعنوان بروتوكول الإنترنت (IP address).
تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على قضايا التشهير
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ساحة واسعة للتعبير عن الآراء والانتقادات، ولكنها في الوقت نفسه أتاحت فرصًا أكبر للتشهير والإساءة إلى الآخرين. وقد أدى ذلك إلى زيادة عدد القضايا المتعلقة بالسب والقذف والتشهير عبر الإنترنت، مما استدعى تدخلًا تشريعيًا وقضائيًا لتنظيم استخدام هذه المنصات وحماية حقوق الأفراد.
يقول المحامي المتخصص في قانون الجرائم الإلكترونية، أحمد عبد الرحمن، “إن هذا الحكم يمثل رسالة واضحة للجميع بأن القانون يحمي الشخصيات العامة من التعدي على سمعتهم عبر الإنترنت، وأن مرتكبي هذه الجرائم سيواجهون العقاب الرادع.”
العقوبات القانونية في قضايا السب والقذف الإلكتروني
يحدد القانون المصري عقوبات رادعة لمرتكبي جرائم السب والقذف عبر الإنترنت. وتنص المادة 308 من قانون العقوبات على معاقبة كل من قام بسبّ أو قذف شخص آخر بالحبس لمدة لا تزيد عن سنة وغرامة مالية لا تقل عن ألف جنيه. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمحكمة أن تقضي بتعويض المدعي بالضرر الأدبي والمادي الذي لحق به نتيجة لهذه الجرائم.
وتشمل التهم الموجهة للمتهمين في هذه القضايا التشهير، ونشر الأخبار الكاذبة، والإساءة إلى المؤسسات الحكومية، والتحريض على العنف.
تداعيات الحكم ومستقبل قضايا الإنترنت في مصر
من المتوقع أن يكون لهذا الحكم تأثير إيجابي على الحد من حالات السب والقذف عبر الإنترنت، وتشجيع الأفراد على توخي الحذر والمسؤولية في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. كما أنه يعزز من ثقة الجمهور في قدرة القضاء على حماية حقوقهم ومواجهة التحديات التي تفرضها التكنولوجيا الحديثة.
في الوقت الحالي، لم يصدر رد فعل رسمي من الفنان محمد نور على الحكم. من جهتها، من المتوقع أن تستأنف المتهمة الحكم أمام محكمة أعلى.
يبقى التحدي الأكبر هو تطوير آليات فعالة لمكافحة الجرائم الإلكترونية، وتوعية الجمهور بأهمية احترام القانون وحماية حقوق الآخرين في الفضاء الرقمي. وستشهد الفترة القادمة مزيدًا من الجهود لتحديث التشريعات المتعلقة بالإنترنت، وتوفير التدريب اللازم للعاملين في مجال إنفاذ القانون لمواجهة هذه التحديات بفاعلية.













