يشهد سكان الوطن العربي ليلة استثنائية لرصد الظواهر الفلكية، حيث تبلغ زخة شهب الدبيات ذروتها في سماء الليل بين يومي 22 و23 ديسمبر 2025. تعتبر هذه الزخة من أبرز الأحداث الفلكية في نهاية العام، وتزامنا مع بداية فصل الشتاء فلكيًا. سيتمكن الراغبون بالاستمتاع بهذا العرض السماوي من رؤية عدد من الشهب المتوهجة عند النظر نحو الأفق الشمالي.
من المتوقع أن تبدأ رؤية الشهب بوضوح بعد منتصف الليل وتستمر خلال ساعات الفجر الأولى. تعتبر هذه الظاهرة فرصة ممتازة للمهتمين بعلم الفلك والهواة لالتقاط صور فوتوغرافية للشهب والاستمتاع بجمال السماء. هذا الحدث سيشمل جميع أنحاء الدول العربية دون استثناء، مع أفضلية الرؤية في المناطق البعيدة عن التلوث الضوئي.
ما هي زخة شهب الدبيات وكيف تحدث؟
زخة شهب الدبيات هي حدث سنوي يحدث عندما تمر الأرض عبر مسار حطام المذنب الدوري توتل (8P/Tuttle). يترك المذنب وراءه مسارًا من الغبار والحصى الصغير، وعندما تدخل هذه الجسيمات الغلاف الجوي للأرض، فإنها تحترق بسبب الاحتكاك بالهواء، مما يخلق ومضات ضوئية سريعة تُعرف بالشهب. هذه الظاهرة تُعرف أيضًا باسم “دموع القديس لوقا” نسبة إلى اسم القديس في التقويم المسيحي.
تاريخ اكتشاف زخة شهب الدبيات
على الرغم من أن هذه الزخة تحدث سنويًا، إلا أنها لم تُكتشف إلا مؤخرًا نسبيًا مقارنة بغيرها من الزخات الشهابية. وفقًا للمهندس ماجد أبو زاهرة رئيس الجمعية الفلكية بجدة، تم التعرف عليها قبل حوالي قرن واحد فقط، بعد ملاحظة أن بعض الشهب التي تظهر في أواخر ديسمبر تنطلق من نفس النقطة في كوكبة الدب الأصغر.
وتشير الدراسات الفلكية إلى أن هذه الشهب المميزة تعود إلى حطام المذنب توتل. ومن الجدير بالذكر أن المذنب توتل نفسه يستغرق حوالي 26 عامًا لإكمال دورة واحدة حول الشمس. وبالتالي، فإن رؤية زخة شهب الدبيات هي تذكير بعبور الأرض عبر مسار هذا المذنب الدوري.
ظروف الرؤية المثالية لزخة شهب الدبيات 2025
من المتوقع أن تكون ظروف الرؤية لزخة شهب الدبيات في عام 2025 ممتازة بشكل خاص. وذلك لأن القمر سيكون في طور الهلال، مما يعني أنه لن يكون ساطعًا بما يكفي لإعاقة رؤية الشهب الخافتة. عادة ما تتطلب زخات الشهب سماء مظلمة تمامًا لرؤية أكبر عدد من الشهب، وهذا ما سيوفرانه في هذه الحالة.
أفضل وقت لمشاهدة الزخة سيكون خلال ساعات الفجر، عندما تكون نقطة الإشعاع (النقطة التي تبدو الشهب وكأنها تنطلق منها) في أعلى ارتفاع لها في السماء. قد تصل معدلات رؤية الشهب إلى 5 إلى 10 شهب في الساعة في ظل ظروف رصد مثالية، بما في ذلك السماء الصافية والبعيدة عن الأضواء الاصطناعية. الشهب ليست خطيرة على الأرض حيث تحترق في الغلاف الجوي.
بالإضافة إلى ذلك، يفضل البحث عن موقع مظلم بعيدًا عن التلوث الضوئي للمدن والبلدات. تعتبر المناطق الصحراوية والجبلية مثالية لمشاهدة الظواهر الفلكية مثل زخات الشهب. يمكن استخدام التطبيقات الفلكية والهواتف الذكية لتحديد موقع كوكبة الدب الأصغر وتحديد اتجاه نقطة الإشعاع.
كيفية الاستعداد لمشاهدة الشهب
للاستمتاع بمشاهدة زخة شهب الدبيات، ينصح بالاستعداد المسبق من خلال إيجاد مكان مظلم، وإحضار ملابس دافئة، وربما سجادة أو كرسي مريح. يجب أن تمنح العينين حوالي 20 دقيقة للتكيف مع الظلام لرؤية الشهب الخافتة بشكل أفضل. تجنب النظر مباشرة إلى القمر أو أي مصدر ضوء ساطع.
لمحبي التصوير الفلكي، يمكن استخدام كاميرا ذات عدسة واسعة وفتحة عدسة كبيرة لالتقاط صور للشهب. يتطلب التصوير الناجح استخدام حامل ثلاثي القوائم وتعريض الكاميرا للضوء لفترة طويلة من الزمن.
تشكل هذه الزخة فرصة لزيادة الوعي بأهمية علم الفلك ودوره في فهم الكون. رصد الشهب هو نشاط ممتع وتعليمي يمكن للجميع الاستمتاع به، بغض النظر عن مستوى خبرتهم في علم الفلك.
في الختام، من المقرر أن تكون زخة شهب الدبيات في ديسمبر 2025 حدثًا فلكيًا ملحوظًا، مع ظروف رؤية مواتية. ستستمر المراقبة الفلكية لتقييم نشاط هذه الزخة في السنوات القادمة. من الضروري مراقبة التحديثات المتعلقة بأحوال الطقس، حيث أن الغيوم أو الضباب قد تعيق الرؤية. يجب على المهتمين بالظواهر الفلكية متابعة التنبؤات الجوية وآخر المستجدات من المراصد الفلكية المحلية.












