أرسل مصرف سوريا المركزي أول رسالة عبر نظام “سويفت” (SWIFT) إلى بنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك، في خطوة تاريخية تعكس عودة سوريا إلى النظام المالي الدولي. تأتي هذه الخطوة في ظل تزايد الجهود الدولية لرفع العقوبات عن سوريا، وتأمل دمشق أن تفتح الباب أمام إعادة الإعمار وتحريك الاقتصاد المتضرر. أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر الحصرية، عن إرسال الرسالة، واصفاً إياها بـ “تحية” إلى البنوك الدولية المراسلة.
وقد نقلت وكالة رويترز عن الحصرية قوله أن الرسالة تهدف إلى إعلام البنوك الدولية بأن سوريا عادت إلى النظام المالي، وتتطلع إلى إقامة علاقات تجارية طويلة الأمد. تعتبر هذه الخطوة ذات أهمية بالغة لسوريا، التي تحتاج إلى تدفق الاستثمارات والتحويلات المالية لإعادة بناء البنية التحتية المتضررة من سنوات الحرب، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.
رفع العقوبات
يأتي إرسال رسالة “سويفت” في سياق جهود متواصلة لرفع العقوبات المفروضة على سوريا. في وقت سابق من الشهر الجاري، مددت وزارة الخزانة الأمريكية تعليق “قانون قيصر” لمدة 180 يومًا إضافية، مما يسمح ببعض المعاملات التجارية والإنسانية. ومع ذلك، فإن رفع هذه العقوبات بشكل كامل يتطلب موافقة الكونغرس الأمريكي، وهو أمر غير مؤكد في الوقت الحالي.
تأثير قانون قيصر
فرض “قانون قيصر” في عام 2019 عقوبات واسعة النطاق على الحكومة السورية والأفراد والكيانات المرتبطة بها، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان. أدى القانون إلى تقييد قدرة سوريا على التجارة مع الدول الغربية، وتسبب في تدهور اقتصادي حاد. تأمل الحكومة السورية أن يؤدي تخفيف أو رفع هذه العقوبات إلى تحسين الوضع الاقتصادي، وجذب الاستثمارات الأجنبية.
اللقاءات الدبلوماسية
شهدت الأشهر الأخيرة تحركات دبلوماسية مكثفة تهدف إلى تحسين العلاقات بين سوريا والدول الغربية. استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئيس السوري أحمد الشرع في البيت الأبيض الشهر الجاري، في أول زيارة رسمية لرئيس سوري إلى واشنطن منذ عقود. تأتي هذه الزيارة بعد لقاء سابق بين الرئيسين في السعودية، مما يشير إلى رغبة في الحوار وإيجاد حلول للأزمة السورية.
أعلنت الخزانة الأمريكية عن مواصلة تخفيف العقوبات، وأصدرت قرارًا جديدًا يمدد الإعفاء من “قانون قيصر” لمدة 180 يومًا أخرى. يهدف هذا القرار إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري، ودعم جهود إعادة الإعمار. ومع ذلك، لا يزال هناك جدل حول مدى فعالية هذه الإجراءات في تحسين الوضع الاقتصادي في سوريا.
بالإضافة إلى ذلك، هناك جهود إقليمية ودولية أخرى تهدف إلى حل الأزمة السورية، بما في ذلك المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة. تتركز هذه المفاوضات على إيجاد حل سياسي للصراع، وضمان عودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم. تعتبر هذه المفاوضات ذات أهمية بالغة لتحقيق الاستقرار في سوريا والمنطقة.
تعتبر عودة سوريا إلى نظام “سويفت” خطوة مهمة نحو الاندماج في الاقتصاد العالمي، ولكنها ليست سوى خطوة واحدة في طريق طويل. لا يزال هناك العديد من التحديات التي تواجه سوريا، بما في ذلك العقوبات الاقتصادية المستمرة، والوضع السياسي المعقد، والحاجة إلى إعادة بناء البنية التحتية المتضررة.
من المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة المزيد من التطورات في هذا الملف، بما في ذلك استمرار المفاوضات الدبلوماسية، وتقييم تأثير تخفيف العقوبات على الاقتصاد السوري. سيكون من المهم مراقبة رد فعل الكونغرس الأمريكي على قرار تمديد تعليق “قانون قيصر”، وما إذا كان سيوافق على رفع العقوبات بشكل كامل. كما سيكون من المهم متابعة جهود إعادة الإعمار، وتدفق الاستثمارات الأجنبية إلى سوريا. يبقى مستقبل سوريا غير مؤكد، ولكن هناك أمل في أن تتمكن البلاد من تجاوز التحديات الحالية، وبناء مستقبل أفضل لشعبها.













