رجّحت تقارير حديثة أن تشهد صادرات الغاز الطبيعي المسال العالمية نموًا ملحوظًا هذا العام، مسجلةً أكبر قفزة لها منذ ثلاث سنوات. يأتي هذا الارتفاع مدفوعًا بشكل أساسي بزيادة الإنتاج في أمريكا الشمالية، وخاصةً من مشاريع جديدة في كندا والولايات المتحدة، مما يؤثر على ديناميكيات سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي.
وتشير تقديرات شركة كيبلر، المتخصصة في بيانات الشحن، إلى أن حجم الصادرات من الغاز الطبيعي المسال قد ارتفع بنسبة 4% مقارنة بالعام الماضي، ليصل إلى 429 مليون طن. هذا النمو يمثل أسرع وتيرة للزيادة منذ عام 2022، عندما سجلت الصادرات ارتفاعًا بنسبة 4.5%، وفقًا للبيانات المتاحة.
توقعات زيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال
يعزى هذا الارتفاع بشكل كبير إلى بدء تشغيل مشاريع جديدة للطاقة، مثل مشروع الغاز الطبيعي المسال الكندي ومحطة بلاكوماينز في الولايات المتحدة. هذه المشاريع تعمل على زيادة المعروض العالمي من الغاز الطبيعي المسال، وتساهم في خفض الأسعار.
تستعد الولايات المتحدة لتعزيز مكانتها كأكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم. ومن المتوقع أن تتجاوز صادراتها 100 مليون طن هذا العام، مما يعزز نفوذها في السوق ويغير مسارات التجارة.
وتشير التقديرات إلى أن هذا النمو في العرض سيؤدي إلى انخفاض في أسعار الغاز في كل من آسيا وأوروبا. فقد اقتربت أسعار الغاز الطبيعي المسال في آسيا من أدنى مستوياتها في عام، بينما انخفضت العقود الآجلة في أوروبا بأكثر من 40% منذ بداية العام الحالي.
تأثيرات على أسواق الشحن
بالإضافة إلى تأثيره على الأسعار، من المتوقع أن يؤدي زيادة الإنتاج إلى ارتفاع الطلب على ناقلات الغاز الطبيعي المسال. وقد شهد الشهر الماضي ارتفاعًا في تكلفة نقل الغاز الطبيعي المسال عبر المحيط الأطلسي، لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ حوالي عامين، مما يعكس الضغط المتزايد على أسطول النقل.
وتتوقع شركة كيبلر أن تشهد صادرات شهر ديسمبر/كانون الأول رقماً قياسياً جديداً، حيث من المرجح أن تصل إلى حوالي 41 مليون طن. وهذا يؤكد الاتجاه التصاعدي في صادرات الغاز الطبيعي المسال، ويشير إلى استمرار هذا النمو في المستقبل القريب.
الطلب العالمي والتغيرات الجغرافية
لا تزال الصين واليابان هما أكبر مستوردين للغاز الطبيعي المسال في العالم، حيث تتقاسمان الصدارة في هذا المجال. ومع ذلك، فقد شهدت الواردات الصينية انخفاضًا طفيفًا بنسبة 15% مقارنة بالعام الماضي، بحسب البيانات المتوفرة.
في المقابل، تشهد واردات مصر من الغاز الطبيعي المسال نموًا ملحوظًا. فقد تحولت مصر إلى مستورد صافٍ للغاز الطبيعي المسال العام الماضي، ومن المتوقع أن تشتري حوالي 8.9 مليون طن هذا العام، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما كانت تشتريه في العام السابق. هذا التحول يعكس التغيرات في احتياجات الطاقة في المنطقة.
وتتوقع بلومبيرغ أن يستمر حجم تداول الغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم في النمو، بمعدل يتراوح بين 7.5% و8% في العام المقبل. هذا النمو سيستند إلى زيادة المعروض وانخفاض الأسعار، مما سيحفز الطلب من مختلف الأسواق.
وفي سياق متصل، أكد وزير الدولة لشؤون الطاقة في قطر، سعد بن شريدة الكعبي، على توقعاته بارتفاع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال بحلول عام 2035. وأشار إلى وجود احتياجات عالمية جديدة تدفع هذا الطلب، بما في ذلك حاجة أكثر من مليار شخص حول العالم إلى الحصول على الكهرباء.
وشدد الكعبي على أهمية زيادة الاستثمار في قطاع النفط والغاز، لضمان أمن الطاقة العالمي في ظل التحديات المتزايدة. وأوضح أن قطر تخطط لزيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن سنويًا إلى 142 مليون طن بحلول نهاية العقد الحالي، بالإضافة إلى حوالي 18 مليون طن من خلال محطة “غولدن باس” في الولايات المتحدة، مما سيرفع الطاقة الإنتاجية الإجمالية إلى 160 مليون طن.
بشكل عام، تشير التوقعات إلى أن سوق الغاز الطبيعي المسال سيشهد استمرارًا في النمو خلال السنوات القادمة، مدفوعًا بزيادة المعروض والطلب المتزايد. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض العوامل التي قد تؤثر على هذه التوقعات، مثل التطورات الجيوسياسية والسياسات الحكومية المتعلقة بالطاقة. من المهم مراقبة هذه العوامل لتقييم التوجهات المستقبلية لسوق الغاز الطبيعي المسال.













