أعلن صندوق النقد الدولي اليوم الثلاثاء التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن مراجعتين ضمن برنامج التمويل الممدد، مما يمهد الطريق لصرف دفعة بقيمة 2.5 مليار دولار. يأتي هذا الاتفاق في إطار جهود مصر المستمرة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي ومعالجة التحديات المالية، بما في ذلك ارتفاع الدين العام ونقص العملة الأجنبية. ويشكل هذا التمويل جزءًا من حزمة دعم أوسع تهدف إلى دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
شمل الاتفاق أيضًا المراجعة الأولى لبرنامج “تسهيل الصلابة والاستدامة”، وهو مبادرة منفصلة تهدف إلى مساعدة مصر على مواجهة التغيرات المناخية وتعزيز مرونة الاقتصاد. وقد يتيح هذا البرنامج لمصر الحصول على تمويل إضافي يصل إلى 1.3 مليار دولار. ومع ذلك، لا يزال الاتفاق بحاجة إلى موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي.
تسهيل الصلابة والاستدامة والبرنامج المصري
يأتي هذا التطور بعد نحو عام من توصل مصر وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق مبدئي بشأن برنامج قرض بقيمة 8 مليارات دولار في مارس 2024. كان الهدف من هذا البرنامج هو مساعدة مصر على تجاوز أزمة اقتصادية حادة تميزت بتضخم مرتفع ونقص حاد في العملة الأجنبية. وقد شهدت مصر بالفعل صرف 3.5 مليار دولار من هذا القرض حتى الآن.
وقد أشار صندوق النقد الدولي إلى أن جهود الاستقرار التي تبذلها مصر قد حققت مكاسب ملحوظة، وأن الاقتصاد المصري يُظهر علامات على النمو القوي. ومع ذلك، أكد الصندوق على ضرورة تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية، وخاصة فيما يتعلق بتقليص دور الدولة في الاقتصاد.
السيطرة على التضخم وتحسين مناخ الاستثمار
شهدت مصر انخفاضًا في معدل التضخم خلال الأشهر الأخيرة، حيث بلغ 12.3% في نوفمبر 2023، مقارنة بذروة بلغت 38% في سبتمبر 2023. يعزى هذا الانخفاض إلى عدة عوامل، بما في ذلك برنامج قرض صندوق النقد الدولي، والإيرادات السياحية القوية، وتحويلات العاملين في الخارج، والاستثمارات الخليجية.
بالإضافة إلى ذلك، فقد ساهمت تدفقات العملة الأجنبية في تخفيف حدة النقص الذي كانت تعاني منه مصر. ومع ذلك، لا يزال هناك حاجة إلى مزيد من الجهود لتحسين مناخ الاستثمار وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
أكدت فلادكوفا هولار، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، على أهمية مواصلة جهود الإصلاح، مشيرة إلى أن “نمضي قدما، وينبغي تسريع الجهود الرامية إلى تقليص دور الدولة. ويشمل ذلك إحراز تقدم كبير إضافي في أجندة التخارج، وبذل جهود إضافية لضمان تكافؤ الفرص”.
تعتبر عملية التخارج من أصول الدولة، أي بيع الحصص الحكومية في الشركات للقطاع الخاص، من العناصر الرئيسية في برنامج الإصلاح الذي تدعمه مصر. وتهدف هذه العملية إلى زيادة الكفاءة والإنتاجية في الاقتصاد، وتشجيع الاستثمار الخاص.
في أغسطس الماضي، أقرت الحكومة المصرية تعديلات تشريعية تهدف إلى تسريع عملية بيع الأصول المملوكة للدولة. ومع ذلك، يرى صندوق النقد الدولي أن التقدم في هذا المجال لا يزال بطيئًا.
من الجدير بالذكر أن مصر تواجه تحديات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك ارتفاع الدين العام، ونقص العملة الأجنبية، وارتفاع معدلات البطالة. ويتطلب التغلب على هذه التحديات تنفيذ إصلاحات هيكلية شاملة، وتعزيز الشفافية والمساءلة، وتحسين بيئة الأعمال.
الخطوة التالية المتوقعة هي عرض الاتفاق على المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي للموافقة عليه. من المتوقع أن يتم ذلك في الأسابيع القليلة المقبلة. سيراقب المستثمرون والمحللون عن كثب مدى التزام مصر بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وخاصة فيما يتعلق بتقليص دور الدولة في الاقتصاد، لتقييم الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.













