تصاعدت المخاوف الأوروبية بشأن خطة سلام مقترحة لأوكرانيا، يزعم البعض أنها تفضل روسيا بشكل كبير، في الوقت الذي يركز فيه الانتباه على موقف الإدارة الأمريكية الحالية. جاءت هذه التطورات خلال نقاشات مكثفة في ستراسبورغ وجنيف، حيث أعرب مسؤولون أوروبيون عن قلقهم من أن الخطة قد تجبر أوكرانيا على تنازلات إقليمية وعسكرية كبيرة، تهدد سيادتها واستقلالها. تعتبر قضية خطة السلام الأوكرانية حاسمة لمستقبل الأمن الأوروبي وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالدعم المالي المستمر لأوكرانيا.
تحذيرات أوروبية من “استسلام أوكرانيا” وإحباط من الموقف الأمريكي
حذر عضو البرلمان الأوروبي الإستوني، ريهو تيراس، من أن خطة السلام التي تروج لها الولايات المتحدة قد تكون بمثابة “خطة روسية” تهدف إلى إجبار أوكرانيا على الاستسلام. وحث على ضرورة توخي الحذر الشديد في التعامل مع هذه المقترحات، معرباً عن اندهاشه من “عمل دونالد ترامب كمرسال لخطة بوتين الاستسلامية”. تأتي هذه التصريحات في أعقاب تسريب مسودة اتفاق سلام، أثارت انتقادات واسعة بسبب شروطها المواتية لروسيا.
تشمل الشروط المثيرة للجدل في المسودة، وفقًا لتقارير إعلامية، تخفيضًا كبيرًا في الجيش الأوكراني، وتقديم تنازلات إقليمية واسعة النطاق، وربما فرض حق نقض على عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو). يعتبر هذا السيناريو مقلقًا بشكل خاص للدول الأوروبية، التي تخشى من أن يؤدي إلى ترسيخ النفوذ الروسي في المنطقة وتقويض الأمن الأوروبي.
اجتماعات مكثفة ومفاوضات جنيف
عقد ممثلون عن الحكومة الأمريكية، بقيادة وزير الخارجية ماركو روبيو، اجتماعات مع مسؤولين أوكرانيين ووفد أوروبي في جنيف يوم الأحد. تهدف هذه المفاوضات إلى تعديل خطة السلام المقترحة وتقليل الشروط التي تعتبرها أوكرانيا والدول الأوروبية غير مقبولة. تهدف هذه الجهود أيضًا إلى كسب الوقت والضغط على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعادة النظر في موقفه.
أكدت مصادر متعددة أن النقاشات كانت صعبة ومباشرة، حيث أصر المسؤولون الأوكرانيون والأوروبيون على ضرورة الحفاظ على سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، ورفضوا أي شروط من شأنها أن تسفر عن استسلامها. وأشارت المصادر إلى أن الولايات المتحدة أبدت بعض المرونة، لكنها لا تزال تصر على بعض التنازلات التي تعتبرها أوكرانيا حمراء.
تمويل أوكرانيا: تحديات ومناقشات حول الأصول الروسية المجمدة
مع استمرار الحرب في أوكرانيا، تزداد الحاجة إلى الدعم المالي لتلبية احتياجات البلاد المتزايدة. يناقش الاتحاد الأوروبي حاليًا إصدار قرض تعويضات غير مسبوق، مدعومًا بالأصول الروسية المجمدة في بلجيكا. تهدف هذه الخطوة إلى توفير تمويل إضافي لأوكرانيا في عام 2026 وما بعده.
تواجه هذه المبادرة بعض العقبات القانونية والإدارية في بلجيكا، حيث تحتفظ البلاد بهذه الأصول. أفادت مصادر “يورونيوز” أن المفوضية الأوروبية تستعد لاتخاذ إجراءات قانونية إضافية لضمان حصول الاقتراح على الموافقة من السلطات البلجيكية. يأتي هذا في ظل إحباط متزايد من بطء الإجراءات في بلجيكا.
أعرب عضو البرلمان الأوروبي ريهو تيراس عن استيائه من التأخير في عملية التمويل، قائلاً: “لقد تأخرنا بالفعل، علينا أن نبدأ التمويل بسرعة كبيرة. لا يمكن أن يكون الاتحاد الأوروبي، الذي يضم 500 مليون نسمة وناتج محلي إجمالي يبلغ 29 تريليون يورو، عاجزًا عن دعم أوكرانيا بمبلغ أقل بكثير.” وأضاف أن الأوروبيين لا يدركون تمامًا مدى خطورة الوضع، وأن الأمر لا يتعلق بأوكرانيا وحدها بل بمستقبل الأمن والاستقرار في أوروبا بأكملها. وفي هذا السياق، تصبح المساعدات الأوروبية لأوكرانيا أمرًا بالغ الأهمية.
الأزمة الأوكرانية تستمر في إثارة نقاشات حادة حول التوازن بين الدبلوماسية والحزم في التعامل مع روسيا، وتؤثر بشكل كبير على استراتيجيات السياسة الخارجية الأوروبية .
خطوات مستقبلية وتوقعات
من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من المفاوضات والمناقشات حول خطة السلام المقترحة وتمويل أوكرانيا. بينما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تسريع عملية التمويل، لا يزال الموقف الأمريكي غير واضح تمامًا. هناك حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستغير موقفها أو ستواصل الضغط على أوكرانيا لتقديم تنازلات. يجب مراقبة تطورات الموقف في بلجيكا بشأن الأصول الروسية المجمدة، بالإضافة إلى رد فعل أوكرانيا على أي تعديلات مقترحة على خطة السلام. ستكون هذه التطورات حاسمة في تحديد مستقبل الأزمة الأوكرانية والأمن في أوروبا.













