للعام الثاني على التوالي، احتلت إسرائيل المرتبة الأخيرة في مؤشر السمعة الوطنية العالمي، وهو ما يعكس تدهوراً ملحوظاً في صورتها الدولية. يشير هذا التراجع، الذي أعلنت عنه صحيفة “غلوبس” الإسرائيلية استناداً إلى نتائج مسح أعده خبير العلامات الوطنية سايمون أنهولت، إلى تحديات متزايدة تواجهها إسرائيل في تعزيز مكانتها على الساحة العالمية، خاصة فيما يتعلق بـالسمعة الوطنية.
وكشف المؤشر عن انخفاض في تقييم إسرائيل بنسبة 6.1% مقارنة بالعام الماضي، في حين تصدرت اليابان القائمة العالمية، تلتها ألمانيا وكندا وإيطاليا وسويسرا. وجاءت الولايات المتحدة في المرتبة الـ14، وهو ما يمثل خروجاً عن قائمة أفضل عشر دول للمرة الأولى منذ سنوات. هذه النتائج تثير تساؤلات حول العوامل المؤثرة في تكوين الانطباعات الدولية.
مسح عالمي واسع ونظرة أكثر قسوة على السمعة الوطنية
يعتمد “مؤشر أنهولت للسمعة الوطنية” على آراء ما يقرب من 40 ألف مشارك في 20 دولة، تمثل حوالي 70% من سكان العالم و80% من اقتصاده. يقيس المؤشر صورة 50 دولة عبر ستة محاور رئيسية: الصادرات، الحوكمة، الثقافة، السكان، السياحة، والهجرة والاستثمار. النتائج الشاملة توفر تقييماً متعدد الأبعاد للعلامة التجارية الوطنية لكل دولة.
وتشير التحليلات إلى أن الانتقادات الموجهة لإسرائيل لم تعد تقتصر على السياسات الحكومية أو الأداء الرسمي، بل امتدت لتشمل صورة الإسرائيليين أنفسهم. بات هناك تصور متزايد بأن الإسرائيليين يتحملون مسؤولية مباشرة عن الأوضاع في قطاع غزة، مما أدى إلى تآكل الثقة في قدرتهم على تحقيق السلام والاستقرار.
إسرائيل رمز سلبي في الغرب وتأثير جيل زد
وفقاً لتقرير “غلوبس”، يرى جيل “زد” في الغرب، بشكل خاص، إسرائيل كرمز للاستعمار، بعيداً عن القيم الليبرالية التي يدعون إليها. هذا التحول في الإدراك العام يعكس تغيراً في المواقف تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتأثراً متزايداً بالروايات التي تنتقد السياسات الإسرائيلية.
ويُظهر المسح أن هذا الجيل لا يميز بشكل كافٍ بين سياسات الحكومة الإسرائيلية وتنوع الآراء داخل المجتمع الإسرائيلي. نتيجة لذلك، أصبح الإسرائيليون أنفسهم يُنظر إليهم على أنهم شخصيات غير مرغوب فيها في نظر شريحة واسعة من الرأي العام العالمي، مما يعقد جهود تحسين العلاقات الدولية.
وتشير التقارير إلى أن إدراج إسرائيل في المؤشر العام الماضي بالتعاون مع “مؤسسة براندل” كان خطوة أولى نحو فهم التحديات التي تواجهها في بناء صورة إيجابية. ومع ذلك، فإن نتائج هذا العام أسوأ من سابقتها، مما يؤكد الحاجة إلى استراتيجيات جديدة وفعالة.
محاولات إنقاذ السمعة الوطنية: برنامج “DARE”
استجابة لهذه النتائج، اقترحت “براندل” برنامجاً جديداً يهدف إلى تغيير صورة إسرائيل عالمياً، تحت اسم “DARE” (الجرأة). يهدف هذا البرنامج طويل الأمد إلى “استعادة السيادة على العلامة الإسرائيلية والهوية العالمية للدولة” من خلال مبادرات مالية وتكنولوجية.
ويشمل البرنامج إنشاء بنك استثماري عالمي، وتطوير نظام ذكاء اصطناعي لمراقبة وتحليل الاتجاهات المعادية لإسرائيل بشكل فوري، وتقديم ردود منظمة عليها. بالإضافة إلى ذلك، يركز البرنامج على بناء تحالفات مع جماهير خارجية، وخاصة الشباب، من خلال ربط إسرائيل بقضايا المستقبل مثل الاستدامة والابتكار.
وتعتبر الدبلوماسية العامة جزءاً أساسياً من هذا البرنامج، حيث تسعى إسرائيل إلى تعزيز الحوار والتفاهم مع مختلف الثقافات والشعوب.
ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذه الجهود قد تواجه صعوبات كبيرة في ظل الظروف الدولية الراهنة. فالأزمة لم تعد مجرد أزمة “صورة” يمكن حلها من خلال التسويق، بل أصبحت أزمة ثقة عميقة تتعلق بالسياسة والسلوك والهوية. من المتوقع أن تستمر الجهود الرامية إلى تحسين السمعة الوطنية لإسرائيل في مواجهة تحديات كبيرة، ويتطلب ذلك تغييرات جوهرية في السياسات والممارسات.
في الأشهر القادمة، ستراقب الأوساط الدولية عن كثب تنفيذ برنامج “DARE” وتقييم مدى تأثيره على تحسين صورة إسرائيل. كما ستتابع التطورات السياسية والأمنية في المنطقة، والتي قد تؤثر بشكل كبير على التقييمات الدولية.













