أعلن مركز التأثير والاستشهادات المرجعية للمجلات العلمية العربية “آرسيف” عن نتائج تقريره السنوي لعام 2025، حيث تصدرت جامعتي عين شمس في مصر وجامعة بغداد في العراق قائمة الجامعات العربية في مجال الأثر البحثي. يعكس هذا التقرير جهودًا متزايدة لتقييم وتقييم الإنتاج العلمي العربي بشكل مستقل، وتقديم بديل للمؤشرات العالمية التي قد لا تعكس بدقة الواقع الأكاديمي في المنطقة.
يُعد التقرير الصادر عن قاعدة بيانات “معرفة” للإنتاج والمحتوى العلمي العربي مشروعًا علميًا عربيًا يهدف إلى إبراز مكانة البحث العلمي العربي، وقياس تأثيره في المشهد الأكاديمي والإقليمي. ويعتمد التقرير على معايير علمية دقيقة لتقييم المجلات والمؤسسات البحثية العربية.
نتائج ضخمة بمعايير عالمية
شمل تقرير “آرسيف 2025” تحليلًا لأكثر من 5500 مجلة علمية وبحثية عربية صادرة عن حوالي 1500 مؤسسة علمية. نجحت 1272 مجلة في تلبية 32 معيارًا معتمدًا من قبل “آرسيف”، وهي المعايير التي تتوافق مع أفضل الممارسات الدولية في تقييم تأثير المجلات العلمية.
توزعت هذه المجلات على 19 دولة عربية باستثناء الصومال وجيبوتي وجزر القمر، بالإضافة إلى 9 دول أخرى غربية وإسلامية تصدر مجلات علمية باللغة العربية. هذا التنوع يعكس الأهمية المتزايدة للغة العربية في النشر العلمي الدولي.
كما راجع التقرير بيانات أكثر من 364 ألف مؤلف عربي، مع التركيز على تحليل الاستشهادات بـ 111 ألفًا منهم (حوالي 30.5%) من خلال فحص ما يزيد عن 960 ألف مقالة علمية منشورة في المجلات العربية. تعتبر الاستشهادات مؤشرًا رئيسيًا على تأثير البحث العلمي وأهميته.
مؤشرات الأثر البحثي
اعتمد التقرير على مؤشرين رئيسيين لقياس الأثر البحثي. الأول يقيس عدد الاستشهادات التي حصل عليها الباحثون المنتسبون إلى الجامعات والمؤسسات العلمية العربية. أما المؤشر الثاني فيركز على تقييم تأثير الجامعات والمؤسسات من خلال عدد الاستشهادات التي تتلقاها المقالات المنشورة في مجلاتها الصادرة باللغة العربية.
أظهرت النتائج أن جامعة بغداد العراقية حافظت على صدارتها في المؤشر الأول، مسجلةً 15,005 استشهادات من 5,524 مقالة. تلتها جامعة عين شمس المصرية بـ 13,571 استشهادًا من 3,048 مقالة، ثم جامعة الملك سعود السعودية بـ 11,297 استشهادًا من 2,325 مقالة.
فيما يتعلق بالمؤشر الثاني، تصدرت جامعة عين شمس المصرية القائمة بـ 20,873 استشهادًا من 4,433 مقالة، مما يؤكد دورها الريادي كجهة ناشرة للبحوث العلمية عالية التأثير. جاءت الجامعة الأردنية في المرتبة الثانية بـ 16,970 استشهادًا، ثم جامعة بغداد بـ 15,888 استشهادًا.
بالنظر إلى الدول، احتلت مصر المرتبة الأولى عربيًا في معامل التأثير العام، وحلت السعودية في المرتبة الثانية. وعلى صعيد عدد المجلات المعتمدة، تصدرت الجزائر القائمة بـ 426 مجلة، يليها مصر بـ 364 مجلة والعراق بـ 122 مجلة.
الجزائر ومصر تتصدران عدد المجلات
يشير هذا التوزيع إلى أن الجزائر ومصر تلعبان دورًا محوريًا في دعم النشر العلمي العربي، من خلال توفير منصات متنوعة للباحثين لنشر أعمالهم. ومع ذلك، يجب ملاحظة أن عدد المجلات المعتمدة لا يعكس بالضرورة جودة البحث العلمي، بل يشير إلى حجم النشاط النشري.
ويخضع تقييم “آرسيف” لإشراف مجلس يضم ممثلين عن اليونسكو، ولجنة الأمم المتحدة لغرب آسيا (الإسكوا)، وقاعدة بيانات “معرفة”، بالإضافة إلى خبراء وأكاديميين من مختلف الدول. هذا يضمن الحيادية والموضوعية في عملية التقييم.
من المتوقع أن يتم إصدار نسخة رقمية كاملة من تقرير “آرسيف 2025” بصيغة PDF قبل نهاية العام الجاري، مما سيتيح للباحثين والمهتمين بالبحث العلمي العربي الوصول إلى البيانات التفصيلية والتحليلات.
تؤكد النتائج العامة للتقرير على النمو المطرد في الأثر البحثي للجامعات والمؤسسات العلمية العربية، على الرغم من التحديات التي تواجهها المنطقة. وتشير إلى زيادة الاهتمام بالبحث العلمي، وضرورة الاستمرار في دعم وتطوير هذا القطاع الحيوي لتحقيق النهضة العلمية والتكنولوجية في العالم العربي.
سيراقب المهتمون عن كثب التطورات في مؤشرات “آرسيف” في السنوات القادمة، بالإضافة إلى التغيرات في سياسات البحث العلمي والتمويل في الدول العربية. كما سيكون من المهم تتبع تأثير هذه التطورات على جودة البحث العلمي، وزيادة تنافسية الجامعات والمؤسسات العربية على المستوى الدولي، ودفع عجلة التنمية المستدامة في المنطقة.













