أتاح الملياردير إيلون ماسك للمستخدمين إجراء تعديلات على موسوعته الجديدة “غروكيبيديا” – وهي منافسة طموحة لموسوعة “ويكيبيديا” – ولكن مع شرط فريد: يجب أن يوافق نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص به، “غروك”، على هذه التعديلات أولاً. هذا التطور، الذي أُعلن عنه في 5 مايو 2025، يمثل نهجًا مختلفًا تمامًا في بناء وتحديث المعرفة الرقمية، ويضع الذكاء الاصطناعي في قلب عملية التحرير. تعتبر غروكيبيديا خطوة جريئة في عالم المعلومات المفتوحة.
جاء هذا الإعلان كجزء من التحديث رقم 0.2 للموسوعة، والتي تضم حاليًا أكثر من 800 ألف مقالة أولية، جميعها مكتوبة بواسطة “غروك” نفسه. يسمح النظام الجديد للمستخدمين إما بإضافة تعديلات مباشرة أو بتقديم مصادر واقتراحات لـ “غروك” ليقوم بتقييمها وتضمينها إذا رأى أنها مناسبة. هذا يثير تساؤلات حول مستقبل التحرير الجماعي للمعلومات.
نهج “غروكيبيديا” المغاير في التحرير: الذكاء الاصطناعي كحارس للمعرفة
يختلف نموذج “غروكيبيديا” بشكل كبير عن “ويكيبيديا” التقليدية. ففي حين أن “ويكيبيديا” تعتمد على مساهمات مفتوحة من المستخدمين مع وجود فريق من المحررين البشر للإشراف على الجودة، فإن “غروكيبيديا” تعهد مهمة المراجعة والتحرير بالكامل إلى الذكاء الاصطناعي. وفقًا لتقرير صادر عن “ذا فيرج”، يهدف هذا النهج إلى تجنب التحيزات والتأثيرات الخارجية التي قد تؤثر على المحتوى.
حتى الآن، تمت الموافقة على حوالي 22 ألف تعديل على “غروكيبيديا”، ولكن لا توجد آلية واضحة أو مباشرة للمستخدمين لتتبع هذه التغييرات أو فهم أسباب قبولها أو رفضها. هذا الغياب في الشفافية يثير بعض المخاوف بشأن المساءلة والتحكم في جودة المعلومات.
غياب القيود على التعديلات يثير التساؤلات
من الجدير بالذكر أن “غروكيبيديا” لا تفرض أي قيود أو شروط مسبقة على التعديلات التي يمكن اقتراحها. وهذا يعني أن “غروك” هو المسؤول الوحيد عن تقييم المحتوى الجديد وتحديد ما إذا كان يتوافق مع معايير الموسوعة. قد يؤدي هذا إلى قبول معلومات غير دقيقة أو متحيزة، أو إلى رفض تعديلات بناءة بشكل تعسفي.
يرى البعض أن هذا النهج يتماشى مع رؤية إيلون ماسك لبناء منصة معلوماتية حرة وغير خاضعة للرقابة. في المقابل، يرى آخرون أنه قد يؤدي إلى تقويض مصداقية الموسوعة وانتشار المعلومات المضللة. تعتبر المعلومات الموثوقة أساسًا لأي موسوعة ناجحة.
هذا التوجه يمثل تحولًا نحو استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة المعرفة، وهو مجال يشهد تطورات سريعة. قد نشهد في المستقبل المزيد من المنصات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في عمليات التحرير والمراجعة، مما يثير تساؤلات حول دور المحررين البشريين في هذا السياق الجديد.
تأثيرات محتملة على مشهد المعرفة الرقمية
قد يكون لـ “غروكيبيديا” تأثير كبير على مشهد المعرفة الرقمية، خاصة إذا نجحت في جذب عدد كبير من المستخدمين والمساهمين. يمكن أن يؤدي نجاحها إلى زيادة المنافسة بين منصات الموسوعات، مما قد يدفع “ويكيبيديا” وغيرها إلى تبني تقنيات جديدة لتحسين جودة المحتوى وزيادة الشفافية.
بالإضافة إلى ذلك، قد يشجع هذا التوجه على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر تطوراً وقدرة على فهم وتقييم المعلومات بشكل دقيق وموضوعي. هذا يمكن أن يكون له تطبيقات واسعة النطاق في مجالات أخرى، مثل التعليم والبحث العلمي. تعتبر التحقق من الحقائق مهمة حاسمة في هذا السياق.
ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح كيف ستتعامل “غروكيبيديا” مع التحديات المتعلقة بالتحيزات الخوارزمية، وحماية حقوق الملكية الفكرية، وضمان دقة وموثوقية المعلومات. هذه التحديات تتطلب حلولاً مبتكرة وفعالة لضمان أن تظل الموسوعة مصدرًا موثوقًا للمعرفة.
في الوقت الحالي، من المتوقع أن يستمر تطوير “غروكيبيديا” بوتيرة سريعة، مع إضافة المزيد من المقالات والميزات الجديدة. من المهم مراقبة تطورات هذه الموسوعة الجديدة وتقييم تأثيرها على مشهد المعرفة الرقمية. من المرجح أن يتم الإعلان عن المزيد من التحديثات والتحسينات في الأشهر القادمة، مع التركيز على تحسين أداء “غروك” وزيادة شفافية عملية التحرير.













