تحولت القوارب السياحية في بحيرة نيفاشا الكينية إلى وسيلة نقل أساسية لإجلاء السكان، بعد أن تسبب ارتفاع منسوب المياه بسبب الفيضانات في غمر أحياء كاملة. هذه الكارثة أدت إلى نزوح مئات الأشخاص وتدهور الأوضاع الصحية، مما يسلط الضوء على الأزمة المتفاقمة لـفيضانات بحيرة نيفاشا وتأثيرها المدمر على المجتمعات المحلية.
تقف روز أليرو، وهي من سكان حي “كيهوتو”، وسط منزلها الذي غمرته المياه، وتعبر عن صدمتها بالقول إنها لم تشهد مثل هذا الوضع من قبل. وتصف الوضع المعيشي الصعب، حيث يعاني الناس من الأمراض وانتشار التلوث، مع عدم وجود وجهة محددة للذهاب إليها.
أسباب وتداعيات فيضانات بحيرة نيفاشا
وفقًا للمسؤولين المحليين، ارتفعت مياه البحيرة نحو اليابسة بمقدار 1.5 كيلومتر، وهو مستوى غير مسبوق. تسبب ذلك في إغراق مئات المنازل، ودور العبادة، ومراكز الشرطة، مع طفو النباتات حولها.
في مشهد مأساوي، اضطر أطفال إلى استخدام طوافات مرتجلة لإخلاء مدرستهم أثناء ارتفاع مفاجئ في مستوى المياه. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 7 آلاف شخص نزحوا بسبب هذه الفيضانات، و تواجه الحياة البرية أيضًا تهديدًا كبيرًا، بالإضافة إلى تعطيل قطاعي السياحة والتجارة اللذين يعتمد عليهما السكان المحليون.
جهود الإغاثة والتحديات الصحية
أكدت جويس تشيتشي، رئيسة إدارة مخاطر الكوارث في مقاطعة ناكورو، أن السلطات المحلية قامت بتوفير وسائل النقل الطارئة واتخاذ إجراءات صحية للحد من انتشار الأمراض. ومع ذلك، لم يتم تقديم أي تعويضات مالية للمتضررين حتى الآن، مما يزيد من معاناتهم.
تصدير الزهور، وهو قطاع اقتصادي حيوي في المنطقة، تأثر بشدة حيث رفض العمال الذهاب إلى الحقول خشية الإصابة بالكوليرا أو التعرض لانهيارات أرضية. هذا التوقف في العمل يهدد إنتاجية القطاع ويؤثر سلبًا على الاقتصاد المحلي.
الأسباب الجيولوجية والمناخية للارتفاع
بالإضافة إلى الفيضانات، حذرت تشيتشي من خطر تصاعد المواجهات مع أفراس النهر التي بدأت تظهر في المناطق السكنية، وهي ظاهرة لم تكن متوقعة. وذكرت أن جذوع أشجار الأكاسيا الجرداء، التي كانت يومًا مورقة، أصبحت مغمورة في مياه البحيرة التي ترتفع بمعدل متر واحد يوميًا.
لا تقتصر هذه المشكلة على بحيرة نيفاشا وحدها، بل تمتد إلى بحيرات أخرى في وادي الصدع، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من الأشخاص. تُرجع العديد من الدراسات هذا الارتفاع في منسوب المياه إلى زيادة معدلات هطول الأمطار نتيجة لتغير المناخ والأمطار الغزيرة.
ومع ذلك، يرى الجيولوجي الكيني جون لاغات، المدير الإقليمي في شركة تطوير الطاقة الحرارية، أن السبب الأعمق يكمن في النشاط التكتوني للمنطقة، خاصة وأن هذه البحيرات تقع على صدع جيولوجي رئيسي. ويشرح أن حركة الصفائح الأرضية منذ أوائل القرن العشرين أدت إلى إغلاق تدريجي لممرات التصريف الجوفية، مما أدى إلى احتباس المياه داخل الأحواض. ويقر لاغات بأن تغير المناخ وتدهور الأراضي الناتج عن الزيادة السكانية يزيدان من تفاقم الأزمة. ويتحدث عن أن تغير المناخ عامل مساهم ولكنه ليس السبب الجوهري.
بينما تقف روز أليرو على ضفاف البحيرة، تراقب المياه وهي تواصل الزحف، تعبر عن قلقها الشديد بشأن المستقبل، وتتساءل عما سيحدث مع موسم الأمطار القادم. هذا القلق يعكس حالة عدم اليقين التي يعيشها السكان المحليون.
من المتوقع أن تقوم الحكومة الكينية بتقييم الأضرار بشكل كامل في الأسابيع القادمة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتقديم الدعم للمتضررين. يجب على السلطات أن تدرس بشكل عاجل الحلول طويلة الأجل لمعالجة هذه المشكلة المتفاقمة، بما في ذلك الاستثمار في البنية التحتية للتصريف، وتنظيم استخدام الأراضي، وتنفيذ خطط للتكيف مع تغير المناخ. يبقى الوضع في نيفاشا هشًا ومراقبًا عن كثب، مع استمرار هطول الأمطار واحتمالية تصاعد الأزمة.













