أكد الكاتب الإسرائيلي ران أداليست أن عمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، بما في ذلك اقتلاع أشجار الزيتون وإقامة البؤر الاستيطانية، تعكس تصعيدا خطيرا في العنف الممنهج وتثير تساؤلات حول مستقبل الديمقراطية في إسرائيل. يأتي هذا التقييم في ظل اتهامات متزايدة بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الفلسطينيين، وتصاعد التوترات السياسية والأمنية في المنطقة. يركز التحليل على تأثير هذه الإجراءات المتزايدة على الأوضاع في الضفة الغربية.
وفي مقال له بصحيفة معاريف الإسرائيلية، وصف أداليست الوضع الحالي بأنه “رحلة جنونية”، مشيرا إلى تبدل المشاهد بين الخوف والعبث، مع تساؤل عما إذا كانت هذه الأحداث تعكس مأساة حقيقية أم مجرد مهزلة سياسية. وأشار إلى أن تصعيد الإجراءات من قبل الحكومة الإسرائيلية، خاصة تلك التي يقودها وزراء متطرفون، يهدد بتقويض الاستقرار الإقليمي وزيادة احتمالات اندلاع صراع أوسع.
الاستيطان في الضفة الغربية وتصاعد العنف
تأتي هذه التطورات في سياق استمرار سياسة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، التي تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي. بالإضافة إلى ذلك، تتزامن مع تزايد الدعوات من داخل الحكومة الإسرائيلية لإعادة احتلال قطاع غزة، وهو ما أثار قلقا دوليا واسعا. ووفقًا لتقارير حديثة، فإن عدد الوحدات الاستيطانية القيد الإنشاء في الضفة الغربية وصل إلى مستويات قياسية خلال الأشهر الماضية.
أوامر عسكرية وتداعيات ميدانية
ينقل أداليست عن منظمة “بتسيلم” الحقوقية أن الجيش الإسرائيلي ينفذ هذه العمليات بموجب أمر عسكري تحت مسمى “إجراءات أمنية”، مما يسمح باقتلاع عشرات الدونمات من الأراضي الفلسطينية الخاصة. وتتسبب هذه الإجراءات في أضرار جسيمة بالبنية التحتية الزراعية، وتزيد من معاناة السكان المحليين. وفقًا لشهادات مباشرة من الفلسطينيين، فإن الجيش لم يقتصر على تنفيذ الأوامر العسكرية، بل تجاوز حدودها في بعض الحالات، حيث تم اقتلاع مئات أشجار الزيتون وتدمير آبار المياه.
يرى الكاتب أن تصرفات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، بما في ذلك خطابه المتشدد وتأييده لانتهاكات حقوق الفلسطينيين، تمثل خطرا داهما على القيم الديمقراطية في إسرائيل. فبن غفير ليس حالة فردية، بل هو جزء من منظومة سياسية متطرفة تتبنى سياسات قمعية وتحرض على العنف.
يشير تقرير صادر عن الأمم المتحدة إلى تزايد عمليات الهدم للمنازل الفلسطينية في الضفة الغربية، خاصة تلك التي تقع في المناطق التي تخطط إسرائيل لضمها رسميًا. وقد أدت هذه العمليات إلى تشريد مئات الفلسطينيين، وتفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة.
في سياق متصل، أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن مجموعة من المستوطنين اقتحمت منطقة حدودية مع قطاع غزة ورفعوا الأعلام الإسرائيلية، مطالبين بإعادة احتلال القطاع. هذا الاقتحام يمثل تحديًا صريحًا للسلطة الفلسطينية، ويهدد بتصعيد التوترات الأمنية في المنطقة.
من ناحية أخرى، تصاعدت الدعوات الدولية إلى إسرائيل لوقف الاستيطان والالتزام بالقانون الدولي. وقد أعربت العديد من الدول والمنظمات الحقوقية عن قلقها العميق إزاء استمرار الإجراءات الإسرائيلية التي تقوض فرص تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة. وتشمل هذه الدعوات مطالب بتجميد البناء الاستيطاني، وإعادة الأراضي المصادرة إلى الفلسطينيين، وضمان حماية حقوقهم الأساسية.
وتركز التحذيرات الآن على المخاطر المحتملة من تحول العنف إلى جزء لا يتجزأ من السياسة الإسرائيلية، مما قد يؤدي إلى تمرد داخلي بين الإسرائيليين الذين يرفضون هذه الممارسات. يخشى مراقبون أن استمرار هذا النهج قد يقوض بشكل خطير أسس الديمقراطية في إسرائيل ويؤدي إلى تفاقم الأزمة السياسية والأمنية.
مستقبل الأوضاع في الضفة الغربية
من المتوقع أن تشهد الأيام والأسابيع القادمة مزيدًا من التصعيد في التوترات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، خاصة مع اقتراب نهاية العام الحالي وبدء العام الجديد. وستترقب الجهات الدولية رد فعل الحكومة الإسرائيلية على هذه الانتقادات، وما إذا كانت ستتخذ أي إجراءات ملموسة لوقف الاستيطان وحماية حقوق الفلسطينيين. تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الأخيرة تشير إلى عدم وجود تغييرات جوهرية في السياسة المتبعة، مما يثير مخاوف بشأن مستقبل الأوضاع في الضفة الغربية واحتمالات اندلاع صراع جديد.













