فقدت كندا وضعها كدولة خالية من مرض الحصبة بعد قرابة ثلاثة عقود، مما أدى إلى خسارة منطقة الأميركتين لهذا الإنجاز الصحي. أعلنت منظمة الصحة للبلدان الأميركية (PAHO) هذا الأمر يوم الاثنين، مشيرةً إلى استمرار تفشي المرض في البلاد وعدم كفاية الجهود لاحتوائه. ويعتبر الحصبة مرضاً شديد العدوى ويمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، خاصةً لدى الأطفال، مما يجعل الحفاظ على مناعة القطيع أمراً بالغ الأهمية.
تفشي الحصبة وتداعياته على الصحة العامة
سجلت كندا أكثر من 5 آلاف حالة إصابة بالحصبة في تسعة من أقاليمها العشرة ومنطقة في الشمال، حسبما ذكرت منظمة الصحة للبلدان الأميركية. وقد توقع خبراء الصحة هذا التطور الشهر الماضي، مع تزايد المخاوف بشأن انخفاض معدلات التطعيم في بعض المناطق. هذا الوضع يثير تساؤلات حول فعالية برامج التطعيم الحالية وقدرتها على حماية السكان.
أسباب تفشي المرض
تتضمن الأسباب الرئيسية لعودة تفشي الحصبة انخفاض التغطية بالتطعيم، وزيادة السفر الدولي، وانتشار المعلومات المضللة حول لقاحات الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR). وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يظل الوصول إلى التطعيم تحديًا في العديد من المجتمعات، مما يترك ثغرات في مناعة القطيع.
أشار الدكتور جرباس باربوسا، مدير منظمة الصحة للبلدان الأميركية، إلى أن هذا يمثل انتكاسة، ولكنه أكد في الوقت ذاته أن الوضع “قابل للتغيير”. وبينما فقدت منطقة الأميركتين ككل وضع القضاء على المرض، فإن كل دولة تحتفظ بوضعها على حدة.
الأمراض المعدية تشكل تهديدًا مستمرًا للصحة العامة العالمية. حافظت كندا على وضعها كدولة خالية من الحصبة منذ عام 1995، وهو ما يعكس نجاح جهود التطعيم السابقة. ولكن، يشير هذا التراجع إلى الحاجة المتزايدة لتعزيز هذه الجهود بشكل مستمر.
الدول المتأثرة الأخرى
بالإضافة إلى كندا، تواجه كل من بليز وبوليفيا والبرازيل والمكسيك وباراغواي والولايات المتحدة حالات تفشّ نشطة للحصبة. تُركز الجهود الحالية على تحديد وعزل الحالات، وتتبع المخالطين، وزيادة التغطية بالتطعيم في المناطق المتضررة. ويراقب خبراء الصحة عن كثب تطورات الوضع في هذه الدول.
ارتفعت معدلات الإصابة بالحصبة في جميع أنحاء العالم في السنوات الأخيرة، مما أثار قلقاً بالغاً بين المنظمات الصحية الدولية. ويُعزى هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى انخفاض معدلات التطعيم، وخصوصاً في أوقات الأزمات والصراعات التي تعيق الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية. التطعيم هو وسيلة الوقاية الأكثر فعالية ضد هذا المرض.
خطط الاستجابة والوقاية من الحصبة
توصي منظمة الصحة للبلدان الأميركية الدول المتضررة بتنفيذ استراتيجيات شاملة للسيطرة على الحصبة، بما في ذلك حملات التطعيم المكثفة، وتعزيز المراقبة الوبائية، والتواصل الفعال مع الجمهور حول أهمية التطعيم. كما تشدد المنظمة على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية لانخفاض معدلات التطعيم، مثل نقص الثقة في اللقاحات وصعوبة الوصول إلى الخدمات الصحية.
يتطلب القضاء على الحصبة تغطية تطعيمية عالية ومستدامة، لا تقل عن 95٪ من السكان. ويعد تحقيق هذا الهدف تحديًا كبيرًا، ولكنه ضروري لحماية المجتمعات من هذا المرض القاتل. الصحة هي مسؤولية مشتركة تتطلب تضافر جهود الحكومات والمنظمات الصحية والأفراد.
من المتوقع أن تقوم منظمة الصحة للبلدان الأميركية بتقييم الوضع في كندا بشكل دوري، والنظر في إمكانية استعادة البلاد لوضعها كدولة خالية من الحصبة بناءً على التقدم المحرز في جهود التطعيم والسيطرة على المرض. ومع ذلك، يظل الوضع غير مؤكد ويتوقف على الاستجابة الفعالة من قبل السلطات الصحية الكندية. سيراقب الخبراء عن كثب معدلات التطعيم والتقارير الوبائية في الأشهر القادمة لتقييم فعالية التدخلات الحالية.













