يتفق الخبراء على أهمية الحصول على كميات كافية من فيتامين د، خاصة خلال فصل الشتاء حيث تقلّ ساعات التعرض لأشعة الشمس. هذا الفيتامين، الذي يُعتبر هرمونًا ينظّم العديد من وظائف الجسم، حيويّ لصحة العظام والمناعة والمزاج. ونظرًا لأن أجسامنا تعتمد بشكل كبير على أشعة الشمس لإنتاجه، فإن نقصه شائع، خاصة في المناطق ذات الأيام القصيرة أو الغطاء السحابي الكثيف.
نقص فيتامين د أصبح قضية صحية متزايدة الاهتمام عالميًا، وأظهرت الدراسات أن العديد من الأشخاص لا يحصلون على الكمية الموصى بها يوميًا. هذا النقص يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية مختلفة، تتراوح بين ضعف العظام وتقلبات المزاج. وقد ازدادت الحاجة إلى الوعي بأهمية هذا الفيتامين بعد جائحة كوفيد-19، حيث أظهرت الأبحاث صلة محتملة بين مستويات فيتامين د ومقاومة الجسم للفيروس.
ما الذي يسبب نقص فيتامين د؟
السبب الرئيسي لنقص فيتامين د هو قلة التعرض لأشعة الشمس. الجلد ينتج فيتامين د عندما يتعرض للأشعة فوق البنفسجية، ولذلك فإن الأشهر الشتوية، حيث تكون الشمس أقل سطوعًا والأيام أقصر، تزيد من خطر النقص. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي استخدام واقي الشمس بشكل مفرط إلى تقليل إنتاج فيتامين د في الجلد. ومع ذلك، يؤكد أطباء الجلدية على أهمية استخدام واقي الشمس لحماية البشرة من أضرار أشعة الشمس، مثل حروق الشمس وسرطان الجلد.
التغذية تلعب أيضًا دورًا، ولكن بدرجة أقل. يمكن الحصول على فيتامين د من بعض الأطعمة مثل الأسماك الدهنية (السلمون، التونة، الماكريل)، وصفار البيض، والأطعمة المدعمة بفيتامين د (مثل بعض أنواع الحليب والحبوب). ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن الطعام يوفر فقط حوالي 10% من حاجة الجسم اليومية من فيتامين د، مما يعني أن أشعة الشمس هي المصدر الأساسي.
الأشخاص المعرضون لخطر أكبر لنقص فيتامين د
هناك بعض الفئات من الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بنقص فيتامين د من غيرهم. أولئك الذين يعيشون في خطوط العرض العليا أو المناطق التي تعاني من تلوث الهواء الشديد غالبًا ما يتعرضون لأشعة شمس أقل. وبالمثل، فإن الأشخاص الذين يقضون معظم وقتهم في الداخل، أو يرتدون ملابس تغطي معظم أجسامهم، هم أكثر عرضة للنقص.
وفقًا لخبراء التغذية، فإن الأفراد ذوي البشرة الداكنة يحتاجون إلى التعرض لأشعة الشمس لفترة أطول لإنتاج نفس الكمية من فيتامين د التي ينتجها الأشخاص ذوو البشرة الفاتحة. ويرجع ذلك إلى أن الميلانين، الصبغة المسؤولة عن لون البشرة، يعمل كحاجز طبيعي ضد أشعة الشمس. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون لدى كبار السن صعوبة في إنتاج فيتامين د في الجلد، كما أن لديهم قدرة أقل على امتصاصه من الطعام.
تضيف هانا ألدرسون، أخصائية التغذية، أن بعض الحالات الصحية، مثل داء السكري ومتلازمة تكيس المبايض، قد تزيد من خطر الإصابة بنقص فيتامين د. وكذلك، فإن المشاكل المتعلقة بصحة الأمعاء، مثل داء كرون ومرض الاضطرابات الهضمية، يمكن أن تؤثر على امتصاص فيتامين د من الطعام.
ما هي علامات نقص فيتامين د؟
تتنوع علامات نقص فيتامين د وقد تكون خفية في البداية. الشعور بالتعب والإرهاق المستمر هو أحد الأعراض الشائعة، لكنه قد يُعزى إلى أسباب أخرى. يُعدّ التعرض المتكرر للعدوى علامة أخرى، حيث يلعب فيتامين د دورًا هامًا في دعم جهاز المناعة.
بالإضافة إلى ذلك، قد يسبب نقص فيتامين د آلامًا في العظام أو ضعفًا في العضلات، نتيجة لتأثيره على توازن الكالسيوم في الجسم. كما يمكن أن يؤدي إلى تقلبات في المزاج، بما في ذلك أعراض الاكتئاب، خاصة خلال فصل الشتاء. في الحالات الشديدة، قد يزيد النقص من خطر الإصابة بهشاشة العظام ونوبات الصرع.
كيف يمكن معالجة نقص فيتامين د؟
معالجة نقص فيتامين د تتضمن عادةً زيادة التعرض لأشعة الشمس، وتحسين النظام الغذائي، أو تناول مكملات فيتامين د. يُنصح بالحصول على نصيحة الطبيب لتحديد الجرعة المناسبة من المكملات بناءً على مستوى النقص وحالة الفرد الصحية. تحتاج الجهات الصحية إلى مراقبة مستويات فيتامين د في المجتمع بشكل دوري لتحديث التوصيات المتعلقة بالوقاية والعلاج.
من المتوقع أن تصدر وزارة الصحة توصيات جديدة بشأن الجرعة اليومية الموصى بها من فيتامين د خلال الربع الأول من عام 2026. وستعتمد هذه التوصيات على نتائج دراسات حديثة حول العلاقة بين مستويات فيتامين د والصحة العامة. من الضروري متابعة هذه التطورات واتباع النصائح الطبية لضمان الحصول على كميات كافية من هذا الفيتامين الهام.













