موسكو – رفعت روسيا دعوى قضائية ضد شركة “يوروكلير” البلجيكية، وهي الجهة التي تحتفظ بمعظم احتياطيات روسيا المجمدة داخل الاتحاد الأوروبي، في تصعيد للتوترات الاقتصادية والقانونية المتزايدة. يأتي هذا الإجراء بعد قرار الاتحاد الأوروبي بتجميد ما يقرب من 210 مليار يورو من الأصول السيادية الروسية “طالما دعت الحاجة”، وهو ما تعتبره موسكو خطوة غير قانونية. هذه الخطوة تتعلق بشكل مباشر بمستقبل الأصول الروسية المجمدة وكيفية استخدامها في سياق الصراع الأوكراني.
وأعلن البنك المركزي الروسي أن الدعوى القضائية تهدف إلى حماية حقوقه ومصالح الدولة الروسية، معتبراً أن تجميد الأصول يشكل انتهاكاً لمبادئ الحصانة السيادية. وشدد البنك على أنه سيحدد قيمة التعويض المطلوب بناءً على حجم الاحتياطيات المجمدة والأرباح الفائتة التي كانت يمكن أن تتحقق.
الخلاف حول الأصول الروسية المجمدة وتداعياته
يأتي قرار رفع الدعوى القضائية بعد موافقة الاتحاد الأوروبي على آلية جديدة لتجميد الأصول الروسية، والتي تزيل الحاجة إلى تجديد القرار كل ستة أشهر. تهدف هذه الآلية إلى إزالة أي عوائق سياسية محتملة، مثل معارضة بعض الدول الأعضاء، وتسهيل استخدام عائدات الأصول المجمدة لدعم أوكرانيا.
وصفت روسيا خطط الاتحاد الأوروبي بأنها “غير قانونية” و”تمييزية”، مؤكدةً أنها تحتفظ بحق اتخاذ جميع الإجراءات القانونية المتاحة للدفاع عن مصالحها. ويشمل ذلك، وفقاً للبنك المركزي، حق موسكو في تطبيق إجراءات مماثلة على الأصول الغربية الموجودة داخل روسيا.
موقف الاتحاد الأوروبي
يرى الاتحاد الأوروبي أن تجميد الأصول الروسية هو إجراء مشروع وضروري للضغط على روسيا لإنهاء عدوانها على أوكرانيا. ويؤكد الاتحاد أن القانون الدولي يسمح بتجميد الأصول السيادية في حالات تهدد السلام والأمن الدوليين. كما يشدد الاتحاد على أنه لا يسعى إلى مصادرة الأصول بشكل دائم، بل إلى استخدامها كضمان لتعويض أوكرانيا عن الأضرار التي لحقت بها نتيجة للحرب.
خطة دعم أوكرانيا
يهدف القرار الأوروبي أيضاً إلى دعم خطة لاستخدام عائدات الأصول الروسية المجمدة لتقديم قروض لأوكرانيا. وتقدر قيمة هذه القروض بحوالي 165 مليار يورو، ومن المقرر أن تغطي احتياجات أوكرانيا المالية خلال العامين 2026 و2027. ويعتمد تنفيذ هذه الخطة على موافقة جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك بلجيكا التي تحتفظ بمعظم الأصول في “يوروكلير”.
وتشير البيانات إلى أن الجزء الأكبر من الأصول الروسية المجمدة، حوالي 185 مليار يورو، مودع في مركز إيداع الأوراق المالية التابع لشركة “يوروكلير” في بروكسل. بقية الأصول موزعة على بنوك خاصة في دول أخرى داخل الاتحاد الأوروبي.
تداعيات أوسع على النظام المالي العالمي
حذر كيريل ديميترييف، الممثل الخاص للرئيس الروسي، من أن محاولات الاتحاد الأوروبي “لسرقة” الأصول الروسية يمكن أن تقوض النظام المالي العالمي بأكمله. ويرى ديميترييف أن هذه الإجراءات ستثير قلقاً واسع النطاق بين الدول الأخرى، وقد تدفعها إلى البحث عن بدائل للنظام المالي الغربي.
ويواجه الاتحاد الأوروبي تحديات قانونية وسياسية كبيرة في تنفيذ خططه المتعلقة بالأصول الروسية المجمدة. فقد أعربت بعض الدول الأعضاء، مثل المجر وسلوفاكيا وإيطاليا، عن مخاوفها بشأن المخاطر المحتملة لهذه الإجراءات. وتطالب هذه الدول بضمانات واضحة لاحترام القانون الدولي وحماية مصالحها.
بالإضافة إلى ذلك، يخشى البعض من أن تجميد الأصول الروسية بشكل دائم قد يؤدي إلى تصعيد التوترات بين روسيا والغرب، وربما إلى اتخاذ إجراءات انتقامية من قبل روسيا. وتشير التقارير إلى أن روسيا قد تبدأ في مصادرة أو تجميد الأصول الغربية الموجودة داخل روسيا ردًا على الإجراءات الأوروبية.
من المتوقع أن يناقش قادة الاتحاد الأوروبي هذه القضية خلال قمتهم المقبلة في 18 و19 من الشهر الجاري. وستركز المناقشات على إيجاد حلول قانونية وسياسية تضمن دعم أوكرانيا مع الحفاظ على استقرار النظام المالي العالمي. يبقى التوصل إلى توافق في الآراء بين جميع الدول الأعضاء أمراً غير مؤكد، مما يجعل مستقبل الأصول الروسية المجمدة غير واضح.












