أوقفت السلطات الإسرائيلية 32 متطوعًا أجنبيًا كانوا في الضفة الغربية للمشاركة في موسم قطف الزيتون، وذلك ضمن حملة “زيتون 2025”. ويأتي هذا الإجراء في ظل تصاعد التوترات بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين، وتزايد المخاوف من عرقلة هذا الموسم الحيوي للفلسطينيين. وقد احتجزت بعضهم في سجن غيفون قبل ترحيلهم، مما أثار انتقادات دولية.
ووفقًا لتقارير صحفية، بما في ذلك ما نشرته صحيفة لوموند الفرنسية، فإن المتطوعين القادمين من دول أوروبية متعددة، يرون أن اعتقالهم يمثل جزءًا من “استراتيجية ترهيب” تهدف إلى منع أي مراقبة خارجية للعنف المتزايد الذي يمارسه المستوطنون ضد الفلسطينيين خلال موسم الحصاد. وتشير هذه التقارير إلى أن هذه الاعتقالات ليست معزولة، بل تأتي في سياق أوسع من القيود المفروضة على حركة الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية.
قطف الزيتون في الضفة الغربية: تصعيد وتحديات
أفاد المتطوعون بأنهم طُردوا من حقل قرب بورين، وأُعلنت المنطقة “منطقة عسكرية مغلقة” من قبل الجيش الإسرائيلي. وبررت الشرطة ترحيلهم بدخولهم “منطقة محظورة” دون إذن مسبق. وزير العدل الإسرائيلي اتهمهم بالارتباط بمنظمات فلسطينية تعتبرها إسرائيل “إرهابية”، وهو ما نفته المحامية التي تمثلهم.
المحامية الإسرائيلية ريحام نصرة، أكدت أن قرار ترحيل المتطوعين كان مُعدًا مسبقًا، وأن إعلان المنطقة عسكرية جاء بدون أي أساس قانوني. ترى نصرة أن هذا الإجراء يمثل محاولة سياسية لعزل الفلسطينيين في حقولهم، وتقويض جهودهم في موسم الحصاد. وتشير إلى أن هذه التكتيكات تهدف إلى إضعاف الوجود الفلسطيني في الأراضي التي يعتبرونها ملكًا لهم.
الوضع الأمني وتأثيره على موسم الحصاد
تأتي هذه الاعتقالات في وقت تشهد فيه الضفة الغربية تصاعدًا ملحوظًا في العنف من قبل المستوطنين، حيث وثقت الأمم المتحدة حوالي 150 اعتداءً من قبلهم خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول وحده. هذا التصعيد يثير مخاوف جدية بشأن سلامة الفلسطينيين الذين يعتمدون على قطف الزيتون كمصدر رئيسي للدخل.
ويرى المتطوعون أن وجودهم في الحقول يساعد في حماية المزارعين الفلسطينيين من اعتداءات المستوطنين، ويوفر لهم مساحة آمنة لممارسة حقهم في قطف الزيتون. ويؤكدون أنهم حظوا بمعاملة أفضل من المعتقلين الفلسطينيين، مما يعكس، في نظرهم، محاولة لردع أي تدخل دولي في هذا الشأن.
وتشير التقارير إلى أن وتيرة اقتلاع وقطع أشجار الزيتون في الضفة الغربية قد زادت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، خاصة بعد 7 أكتوبر 2023. وقد تم تسجيل اقتلاع أكثر من 27 ألف شجرة زيتون حتى مطلع سبتمبر الماضي، مما يهدد سبل عيش العديد من العائلات الفلسطينية. بالإضافة إلى ذلك، دمرت القوات الإسرائيلية معاصر الزيتون في قطاع غزة، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية هناك.
رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، مؤيد شعبان، صرح بأن جيش الاحتلال والمستوطنين نفذوا 340 اعتداءً ضد قاطفي الزيتون منذ بداية أكتوبر. تنوعت هذه الاعتداءات بين الاعتداء الجسدي، وحملات الاعتقال، وتقييد الحركة، والترهيب، وإطلاق النار المباشر. وتشكل هذه الاعتداءات تهديدًا مباشرًا لسلامة الفلسطينيين وحقهم في قطف الزيتون.
على الرغم من التحديات والصعوبات، أعرب بعض المتطوعين عن رغبتهم في العودة إلى الضفة الغربية في المستقبل، لمواصلة دعم الفلسطينيين في موسم الحصاد. ويرفضون الاستسلام لمحاولات التخويف والترهيب، ويؤكدون على أهمية التضامن مع الشعب الفلسطيني.
من المتوقع أن تستمر التوترات في الضفة الغربية خلال الأيام والأسابيع القادمة، مع استمرار موسم قطف الزيتون. ويجب مراقبة تطورات الوضع الأمني عن كثب، وتقييم تأثيرها على حياة الفلسطينيين وسبل عيشهم. كما يجب على المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها على الفلسطينيين، واحترام حقوقهم في قطف الزيتون والعيش بكرامة وأمان.













