يتربع الإمام الزمخشري بلقبه الشريف “أبو القاسم” على عرش العلم والأدب في العصور الوسطى الإسلامية.
إن اسمه الشهير يتردد في القوائم الرفيعة للعلماء والأدباء الذين أثروا التراث الإسلامي بإسهاماتهم القيمة. ولنلقِ نظرة عميقة على حياة وإنجازات هذا العبقري الفارسي المسلم.
مولد ونشأة الزمخشري ولد الإمام الزمخشري في العام 467 هجريًا في قرية زمخشر بمدينة خوارزم، وهو محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري. نشأ الزمخشري في هذه القرية الصغيرة وقضى طفولته فيها، حيث كان والده عالمًا وأديبًا. كانت هذه الفترة من عهده تتزامن مع عصر الوزير “نظام الملك”، الذي سهم بشكل كبير في تطور العلوم والأدب.
مؤلفات الزمخشري الإمام الزمخشري ترك وراءه إرثًا علميًا هائلًا يضم ما يقرب من خمسين مؤلفًا.
تنوعت مؤلفاته في مجموعة متنوعة من المواضيع، بما في ذلك النحو، واللغة، والأدب. ومن بين مؤلفاته البارزة:
- “أساس البلاغة”.
- “المفصل في صنعة الإعراب”.
- “الفائق في غريب الحديث”.
- “القسطاط المستقيم في العروض”.
- “الأنموذج في النحو”.
- “أطواق الذهب”.
- “نوابغ الكلم”.
كتاب “الكشاف” من أبرز إنجازات الزمخشري كتابه المشهور “الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل” الذي كتبه خلال فترة إقامته في مكة المكرمة. يعتبر هذا الكتاب واحدًا من أوائل الكتب التي تناولت موضوع بلاغية القرآن الكريم وإعجازه اللغوي. يتناول الكتاب توضيح دقة المعاني التي يمكن استنباطها من التركيب اللفظي للآيات القرآنية. على الرغم من مذهب الزمخشري المعتزلي، إلا أن الكتاب حظي بشهرة كبيرة وتقدير واسع من قبل علماء السنة وأئمة اللغة، وتم تدريسه وشرحه وتعليق عليه.
رحلات البحث عن العلم كان الزمخشري منذ صغره مفعمًا بحب العلم والمعرفة. تعلم القراءة والكتابة في قريته، وحفظ القرآن الكريم من خلال شيوخها. عندما بلغ سن الرشد، بدأ في رحلاته بحثًا عن العلم. سافر إلى بخارى وخراسان وبغداد، حيث جالس علماءها الكبار واستفاد من علمهم. ثم انتقل إلى مكة المكرمة، حيث قضى فترة طويلة من حياته بالقرب من المسجد الحرام.
خلال هذه الفترة، التقى بكبار علماء مكة واستفاد من تبادل المعرفة معهم.
عاد الزمخشري مرارًا إلى قريته زمخشر، لكن حبه للعلم دفعه للعودة مرة أخرى إلى مكة المكرمة.
وبعد ذلك، زار بغداد والتقى بأبي منصور الجواليقي وقرأ له بعض الكتب. وأخيرًا، عاد إلى زمخشر مدينته الأم، حيث عاش حتى وفاته.
صفات الزمخشري الإمام الزمخشري كان له مجموعة من الصفات الرائعة التي جعلته عبقريًا معترفًا به على نطاق واسع.
كان تقيًا وورعًا، وكان يتميز بالتواضع وحسن المعشر. بالإضافة إلى علمه الغزير، كان يتمتع ببراعة في الكتابة والإبداع الأدبي، وكان له موهبة شعرية رائعة. على الرغم من أصوله الفارسية، إلا أنه أتقن اللغة العربية بشكل استثنائي.
آراء العلماء حول الزمخشري تمتاز شهادات العلماء حول الزمخشري بالإعجاب والاحترام الشديدين. فقد وصفه ياقوت الحموي بأنه “إمام في التفسير والنحو واللغة والأدب” وأنه “كان واسع العلم وكبير الفضل”.
أما ابن خلكان، فقال عنه: “كان إمام عصره من غير مدافع”، وكان على مسامعه تقديره واحترامه.
وفاة الزمخشري في ليلة عرفة من عام 538 هجريًا، وعن عمر يناهز 71 عامًا، انتقل الإمام الزمخشري إلى جوار ربه. قبل وفاته، وجه رسالة بأن تُكتب على قبره بيت شعري يعبّر عن طلبه للمغفرة والرحمة.
بهذا تكون قد تمت مراجعة حياة وإنجازات الإمام الزمخشري، العبقري الذي أثرى التراث الإسلامي بإسهاماته القيمة في مجالات العلم والأدب والتفسير القرآني، وأسهم بشكل كبير في تطوير العلوم والمعرفة خلال عصره.