كشف تحقيق صحفي حديث لصحيفة “نيويورك تايمز” عن مزاعم باستغلال ديفيد ساكس، المستشار التكنولوجي السابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب، لمنصبه الحكومي لتحقيق مكاسب مالية شخصية. ويتهم التقرير ساكس بالاستفادة من علاقاته في وادي السيليكون وتأثيره في البيت الأبيض لتعزيز مصالح تجارية خاصة، بما في ذلك صفقات مرتبطة بشركة “إنفيديا” المتخصصة في الذكاء الاصطناعي. ويأتي هذا في وقت يزداد فيه التدقيق في العلاقات بين المسؤولين الحكوميين والقطاع الخاص.
وتشير التقارير إلى أن ثروة ساكس تضاعفت بشكل ملحوظ منذ دخوله البيت الأبيض، وأن أصدقائه في وادي السيليكون تمكنوا من الوصول المباشر إلى صناع القرار في الإدارة الأميركية. يثير هذا الأمر أسئلة حول النزاهة والشفافية في عمل الحكومة، واحتمالية تأثير المصالح الشخصية على القرارات العامة. وقد نفى ساكس هذه الادعاءات، واصفاً التقرير بأنه “مجموعة من الأكاذيب”.
ادعاءات حول الاستفادة من منصة الذكاء الاصطناعي
وفقًا لـ “نيويورك تايمز”، كان ساكس، من خلال شركته “أول-إن” لتنظيم الفعاليات، يطلب تبرعات بملايين الدولارات من الشركات التقنية مقابل إتاحة الفرصة لحضور فعاليات خاصة مع الرئيس ترامب. ويُزعم أن هذه الممارسة أثارت حفيظة كبار الموظفين في البيت الأبيض، مما دفع رئيسة موظفي الرئيس سوزي وايلز إلى التدخل لوقفها.
صفقات إنفيديا المحتملة
يركز التقرير بشكل خاص على صعود شركة “إنفيديا” خلال فترة إدارة ترامب، حيث يُشتبه في أن ساكس لعب دورًا في تسهيل صفقات بين الشركة والحكومة، بما في ذلك صفقات قد تكون مخالفة لقوانين التجارة. وتشير مزاعم التقرير إلى أن جينسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة “إنفيديا”، كان يتردد على البيت الأبيض بفضل علاقة ساكس، وأن ساكس كان يدافع عن مصالح الشركة داخل الإدارة.
وتشمل هذه الصفقات إمكانية بيع بطاقات ذكاء اصطناعي للإمارات العربية المتحدة، مما قد يمثل انتهاكًا لقواعد تجارية معينة. وتأتي هذه الادعاءات في سياق زيادة التركيز على دور الذكاء الاصطناعي في الأمن القومي والسياسة الخارجية.
استثمارات ساكس الشخصية
ووفقًا للتحقيق، يمتلك ساكس حصصًا في مئات الشركات التقنية، بما في ذلك تلك العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي. وتثير هذه الاستثمارات تساؤلات حول تضارب المصالح، حيث يمكن أن تؤثر القرارات الحكومية التي يدعمها ساكس بشكل مباشر على قيمة هذه الاستثمارات. وقد تلقى ساكس إعفاءات أخلاقية تسمح له بالاحتفاظ ببعض هذه الأصول، لكن مدى تأثيرها لا يزال محل جدل.
وحسبما ذكرت التقارير، فإن العلاقة بين ساكس وترامب بدأت في عام 2022 من خلال مساهمات مالية في حملات انتخابية، ثم تطورت لتشمل تنظيم فعاليات خاصة وتقديم المشورة للرئيس في القضايا التكنولوجية.
ردود الفعل الرسمية
نفى البيت الأبيض بشدة الادعاءات الواردة في تقرير “نيويورك تايمز”، مؤكداً أن ساكس كان يعمل لصالح الأمة، وأن مساهماته كانت قيمة في تطوير استراتيجية أميركا في مجال التكنولوجيا. ودافعت ليز هيوستن، المتحدثة باسم البيت الأبيض، عن دور ساكس، واصفة إياه بـ “أصل لا يقدر بثمن”.
من جانبها، رفضت جيسيكا هوفمان، المتحدثة باسم ساكس، الاتهامات بشكل قاطع، وأكدت أن ساكس امتثل لجميع القوانين واللوائح الأخلاقية المعمول بها. وقدمت رسالة من شركة المحاماة التي تمثل ساكس، تشير إلى أن التقرير كان مدفوعًا بأجندة خفية.
وهناك اهتمام متزايد بضبط القواعد الأخلاقية للعلاقات بين القطاع الخاص والمسؤولين الحكوميين، وخاصة في المجالات الحساسة مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة.
من المتوقع أن تستمر التحقيقات في هذه المزاعم، وقد يطلب الكونجرس الأميركي شهادة من ساكس ومسؤولين آخرين. ويرجح أن يؤدي هذا الأمر إلى نقاش واسع حول قوانين النزاهة والشفافية في الحكومة، واحتمالية الحاجة إلى تشديد القيود على الأنشطة التجارية للمسؤولين الحكوميين.













