سراييفو – أسدل ستار القاعة الكبرى بالمركز الثقافي البوسني “بي كيه سي” (BKC) على فعاليات مهرجان الجزيرة بلقان للأفلام الوثائقية (AJB DOC) بمشاركة مئات الضيوف المحليين والأجانب من الجمهور والوثائقيين والسينمائيين الكبار، الذين اطلعوا عن قرب على إمكانيات هذا المهرجان في تطوير ودعم صناعة الأفلام الوثائقية.
القاعة ممتلئة كما كان مشهد الافتتاح، وفريق المتطوعين لا يدخر جهدا في تنظيم تدفق الجمهور الوافد إلى القاعة الكبرى للمركز الثقافي البوسني على بعد أمتار قليلة من قلب المدينة التاريخية ونهر ميلجاكا، وبعد عرض فيديو لإصدارات المهرجان السبعة حتى الآن، تحدث مدير المهرجان أدهم فوتشو قائلا “كنت آمل أن نكرر نجاح العام الماضي، لكن هذا الإصدار قد تجاوز جميع الإصدارات السابقة”.
وأضاف متحدثا للجمهور “مهمتنا منذ البداية كانت تقريب الجمهور من الأفلام الوثائقية الجيدة والمثيرة والمفيدة التي تقدم قصصا رائعة لأشخاص عاديين من جميع أنحاء العالم. من الواضح أن الجمهور يشاركنا ذلك الاهتمام”.
وعبر فوتشو -في حديث خاص للجزيرة نت- عن اعتقاده بأن النسخة السابعة من مهرجان البلقان للأفلام الوثائقية كانت الأكثر نجاحًا على الإطلاق، وتابع قائلا “كان لدينا أكثر من 6 آلاف ضيف لمشاهدة الأفلام، وكانت لدينا نسخة مميزة للغاية من “أيام الجزيرة الوثائقية”
وأردف “تمكن المهرجان من إرسال رسالة مفادها أننا لن ننسى القضية الأكثر أهمية اليوم، وهي فلسطين، ولسوء الحظ، اختارت جميع المهرجانات الكبرى الأخرى في جميع أنحاء العالم تجاهلها بطريقة أو بأخرى، لكننا رفضنا القيام بذلك وأعتقد أن هذا كان ناجحًا للغاية”.
وكما هو الحال خلال أيام عروض الأفلام كان الجمع كبيرا، ولم ينجح كاتب هذه السطور أن يشاهد العديد من الأفلام حتى ولو وقوفا أو جلوسا على السلالم فالجمهور الكبير لا يفوت عرضا سينمائيا في مهرجان الجزيرة بلقان والتذاكر نفدت مسبقا قبل انطلاق المهرجان السنوي.
جوائز لأفضل الأفلام
ومُنحت جائزة أفضل فيلم (الجائزة الرئيسية لـ AJB DOC) لفيلم “جورجيا الباسمة” لـ لوكا بيرادزي، الذي يظهر الثمن الباهظ لتصديق وعود السياسيين الكاذبة التي يقدمونها في محاولاتهم للحفاظ على السلطة.
وقُيمت أفضل الأفلام في برنامج المسابقة بواسطة لجنة تحكيم دولية من 5 أعضاء: ديبورا لندن-هارينغتون صانعة أفلام وثائقية، وناميك كابيل مخرج أفلام وكاتب، وميلا توراجليتش صانعة أفلام وثائقية، وفرانشيسكو مونتاجر صانع أفلام وثائقية، وميريام فرانسوا صحفية وصانعة أفلام وثائقية.
وقالت اللجنة إن هذا الفيلم يتحدث بطريقة فنية عن موضوع العدالة، ومن خلاله يقدم لنا المخرج “من خلال جمال الابتسامة الخاوية (الخالية من الأسنان) قصة عالمية عن إنسان عادي يتخلى عنه السياسيون وينسونه، غير مبالين بمحنته. كل هذا يحدث في عالم حيث الرعاية الصحية لمعظم الناس هي امتياز لا يحصل عليه الجميع”
ومنحت لجنة تحكيم برنامج “الجزيرة البلقان” المكونة من كل من ليلى ديديتش وسياد كريسيفلجاكوفيتش وداني هاسيتش، جائزتها لكل من خوسيه كارلوس سواريس وتانغو شاهين وأصلان إيكر تشاكماك عن فيلمهم “الفداء المقدس”، والذي يكشف إستراتيجيات إسرائيل لسرقة الأراضي الفلسطينية والاستيلاء عليها بشكل منهجي ونقل الفلسطينيين قسرًا.
وقالت اللجنة إن هذا الفيلم “تم إنتاجه على شكل فيلم وثائقي استقصائي تلفزيوني صحفي، وهو يواجهنا مباشرة بالحقيقة من وجهة نظر الإسرائيليين المتطرفين. إنه يكشف عن الكراهية المرعبة ويظهر ربما أهم عنصر في فهم السياسة الاستعمارية الغادرة أو نظام الفصل العنصري، ويظهر الأسباب الحقيقية وراء الجرائم الفظيعة ضد شعب فلسطين، والتي تحدث أمام أعين العالم أجمع”، كما أوضح أعضاء لجنة التحكيم.
وسيتم الإعلان عن جائزة الجمهور بعد عدة أيام، بعد عدّ الأصوات لجميع الأفلام التي عُرضت في إطار مهرجان الجزيرة بلقان (AJB DOC) لهذا العام، بحسب مسؤولين بالمهرجان.
برنامج ثري
بعد توزيع الجوائز، خاطب المدير العام لقناة الجزيرة بلقان، طارق دوديتش، الحضور معبرا عن امتنانه للجمهور الذي يخصص وقته لمشاهدة الأفلام الوثائقية في المهرجان.
وبعد ذلك، جرى عرض خاص للفيلم “مستشفى الشفاء.. جرائم مدفونة” الذي قدم شهادة حيّة على الكارثة والجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المرضى وذويهم والكوادر الطبية، ورواية موجزة لأحداث أسبوعين من المعاناة التي عاشها الضحايا، وصورة مكثّفة للحقيقة المؤلمة التي يجب أن يراها العالم.
وكانت الجزيرة 360 -وهي منصة مرئية رقمية جديدة لشبكة الجزيرة– قد نقلت روايات بعض من نجا من هذه المجازر الأليمة في فيلم وثائقي، كانت قد صوّرته على أرض الحدث بين أنقاض مباني مستشفى الشفاء بعد ساعات من الانسحاب الإسرائيلي منه، وروت فيه ما عاشه المحاصرون من ساعات رعب وألم وقهر.
وخلال 5 أيام من المهرجان، أتيحت للجمهور مشاهدة 24 فيلما وثائقيا تتناول العنف ضد الفلسطينيين وتتناول أيضا الاضطرابات الاقتصادية والسياسية في العالم، تحت شعار “العدالة؟”، وبالإضافة إلى ذلك سيعقد برنامج مصاحب يشتمل على عروض خاصة وحلقات نقاش وجلسات تدريب لصانعي الأفلام الشباب.
وافتتح المهرجان الذي عقدت جلساته في مركز الثقافة البوسنية وسينما سراييفو سينيبلكس بفيلم “حيث تبكي أشجار الزيتون” من إخراج الثنائي البلغاري زايا وموريتسيو بينازو، كاشفا عن وحشية الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي ونظام الفصل العنصري في الضفة الغربية.
وبالتزامن والتوازي مع مهرجان الأفلام الوثائقية، نظمت قناة الجزيرة الوثائقية “أيام الجزيرة الوثائقية” (أيام الصناعة) التي تضم اجتماعات للمحترفين في صناعة الأفلام الوثائقية وتسعى لتربط صناع القرار بالمشاريع الوثائقية البارزة، مع برنامج مصاحب يشتمل على عروض خاصة وحلقات نقاش وجلسات تدريب لصانعي الأفلام الشباب.
وأعلنت “أيام الجزيرة الوثائقية” أسماء الأفلام الفائزة بجوائزها بعد 3 أيام من فعاليات النسخة الثالثة التي احتفت بقوة وفن سرد القصص عُرض خلالها 29 من مشاريع الأفلام في 4 فئات: المسابقة الرئيسية، مشاريع قيد الإنجاز، نجوم البلقان، مشاريع خارج المسابقة.
وأشاد مدير قناة الجزيرة الوثائقية أحمد محفوظ بعدد مشروعات غير مسبوق بالدورة الحالية، في حين أشار مدير “أيام الجزيرة الوثائقية” عادل كسيكسي إلى تنوع وإبداع صناع الأفلام الوثائقية الدوليين الذين “يواصلون تجاوز الحدود ورواية القصص الملهمة”.