أعلن معهد الكويت للأبحاث العلمية عن نجاح رحلته الأوقيانوغرافية الأولى، والتي تمثل خطوة مهمة في تطوير قاعدة البيانات الخاصة بالبيئة البحرية في الكويت. تم تنفيذ هذه الرحلة الهامة على متن سفينة الأبحاث “المستكشف” خلال شهر أكتوبر الماضي، وأسفرت عن جمع بيانات شاملة ستساهم في فهم أفضل للتحديات البيئية التي تواجه المنطقة. تهدف هذه المبادرة إلى دعم جهود الاستدامة البيئية وتحقيق أهداف رؤية “كويت 2035”.
جاء الإعلان يوم الأربعاء، ويؤكد على أهمية البحث العلمي في حماية الموارد البحرية للكويت. تعد هذه الرحلة إنجازًا تاريخيًا، حيث لم يسبق أن تم تنفيذ مهمة بحثية بحرية بهذا المستوى من التفصيل والشمولية في البلاد. البيانات التي تم جمعها ستكون متاحة للباحثين والجهات المعنية لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن إدارة وحماية البيئة البحرية.
أهمية الأبحاث الأوقيانوغرافية في الكويت
تعتبر الأبحاث الأوقيانوغرافية ضرورية لفهم التغيرات التي تطرأ على البيئة البحرية، والتي تشمل عوامل فيزيائية مثل درجة الحرارة والملوحة، وعوامل كيميائية مثل مستويات الأكسجين والمغذيات، وعوامل بيولوجية مثل التنوع الحيوي وانتشار الكائنات الحية. وفقًا لمدير برنامج إدارة الموارد الساحلية والبحرية في المعهد، الدكتور تركي السعيد، فإن هذه الرحلة تمثل خطوة محورية في رفع القدرات الوطنية في مجال البحث البحري.
ونجحت الرحلة بفضل التعاون الوثيق بين أربعة مشاريع علمية مدعومة من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي. هذا التعاون سمح بتكامل التخصصات المختلفة والاستفادة من الخبرات المتنوعة للباحثين. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت جهود الخبراء والمهندسين في صيانة ومعايرة أنظمة الرصد المتقدمة على متن السفينة في ضمان دقة وموثوقية البيانات التي تم جمعها.
ميزات سفينة الأبحاث “المستكشف”
تعتبر سفينة “المستكشف” من أحدث السفن العلمية في منطقة الشرق الأوسط، حيث يبلغ طولها نحو 56 مترًا وهي مجهزة بسبعة مختبرات متخصصة في مجالات مختلفة مثل الكيمياء والأحياء والصوتيات والثروة السمكية. تتميز السفينة بقدرتها على الإبحار المتواصل لمدة تصل إلى 18 يومًا، وتتسع لطاقم مكون من 15 شخصًا و 14 باحثًا علميًا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن “المستكشف” مجهزة بأحدث تقنيات المسح الطبوغرافي لقيعان البحر، وأجهزة السونار، وأنظمة التثبيت الديناميكي، مما يمكنها من إجراء مسوحات دقيقة وشاملة للبيئة البحرية. هذه التقنيات المتقدمة تسمح بجمع البيانات بشكل أكثر كفاءة وفعالية، وتوفر رؤى جديدة حول طبيعة النظم البيئية البحرية.
البيانات التي تم جمعها من خلال هذه الرحلة الأوقيانوغرافية ستكون ذات أهمية استراتيجية للأبحاث المستقبلية المتعلقة بتغير المناخ، ونماذج النظم البيئية الساحلية، وبرامج الرصد الوطني. كما ستدعم هذه البيانات تحقيق مستهدفات رؤية “كويت 2035” فيما يتعلق بالاستدامة البيئية وحماية الحياة البحرية. تتضمن البيانات أكثر من 30 مؤشرًا بيئيًا، مما يعكس نطاق التحليلات التي تم إجراؤها.
ولا تقتصر أهمية هذه الأبحاث على الجانب البيئي فحسب، بل تمتد لتشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية. حيث أن فهم التغيرات التي تطرأ على البيئة البحرية يساعد في إدارة الموارد البحرية بشكل مستدام، مما يضمن استمرار استفادة الأجيال القادمة من هذه الموارد. كما أن حماية البيئة البحرية تساهم في تعزيز السياحة البيئية و خلق فرص عمل جديدة.
وتهدف هذه المبادرة إلى تعزيز مكانة الكويت على خريطة البحوث البحرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون الدولي في هذا المجال. تعتبر البحوث البحرية مجالًا حيويًا للتنمية المستدامة، و الكويت ملتزمة بلعب دور فعال في هذا المجال.
من المتوقع أن تستمر الرحلات الأوقيانوغرافية الموسمية المنتظمة، مما سيوفر بيانات مستمرة حول التغيرات التي تطرأ على البيئة البحرية الكويتية. سيستفيد الباحثون من هذه البيانات في تطوير نماذج تنبؤ بالتغيرات المناخية وتأثيراتها على النظم البيئية البحرية. يبقى تقييم تأثير البيانات على السياسات البيئية المحلية وتحديد أولويات الأبحاث المستقبلية أمرًا بالغ الأهمية.













