وسط اهتمام متزايد بالإنتاج السينمائي الخليجي، يمثل الفيلم الكويتي “وحش حولّي” محاولة جريئة لتحويل قضية جنائية حقيقية هزت المجتمع الكويتي إلى عمل سينمائي تشويقي. الفيلم الذي يعتمد على أحداث واقعية، يثير تساؤلات حول تمثيل الصدمات الاجتماعية وتوثيقها، ويقارب المسألة من منظور نفسي وتشويقي.
ينتمي “وحش حولّي” إلى فئة دراما الجريمة، ويستند إلى قضية مثيرة للجدل وقعت في منطقة حولّي عام 2007، حيث ارتكبت سلسلة جرائم اعتداء على أطفال. الفيلم، الذي بدأ كمسلسل درامي، يعيد فتح هذه الملفات الاجتماعية، منتقداً في الوقت نفسه تحديات استعادة الألم وتقديم قصة مؤثرة دون الوقوع في فخ الاستغلال أو الإثارة الرخيصة.
“وحش حولّي”.. من مسلسل إلى فيلم سينمائي
بدأ “وحش حولّي” كجزء من مسلسل درامي أنتجته منصة “شاشا” الكويتية، حيث تم استكشاف عدة قضايا جنائية حقيقية عبر حلقات منفصلة. واجهت هذه الحلقات نجاحًا ملحوظًا، ودفعت “نتفليكس” إلى اقتناء الحقوق وتقديم كل قضية كفيلم مستقل، مما أتاح للعمل وصولاً أوسع إلى الجمهور العالمي.
يركز الفيلم على قصة مجرم يدعى “حجّاج” المتهم بالاعتداء على عدد كبير من الأطفال، ويتتبع التحقيقات الشرطية المكثفة التي تهدف إلى القبض عليه. يجمع الفيلم بين أسلوب التحقيق البوليسي والتحليل النفسي العميق، مما يضيف بعدًا دراميًا معقدًا إلى القصة.
رهان على القصص الحقيقية والجانب النفسي
نجح الفيلم في جذب انتباه الجمهور لتركيزه على الجانب النفسي للجريمة وتأثيرها على الضحايا والمجتمع. اعتمد المخرج محمد سلامة على أسلوب سردي يعتمد على تتبع خيوط التحقيق واستعراض الشهادات، مما خلق بنية درامية مشوقة.
واجه الفيلم بعض الجدل، خاصة في مصر، بسبب اختيار ممثل مصري لتجسيد دور الجاني. أثار ذلك مخاوف من إمكانية تعزيز الصور النمطية السلبية، ولكن في الوقت نفسه، أشاد البعض بجرأة الفيلم في طرح قضية حساسة.
تحديات استعادة الألم وتمثيل الصدمة
من أبرز التحديات التي واجهت صناع الفيلم كيفية التعامل مع قضية حساسة، مثل الاعتداء على الأطفال، دون الوقوع في فخ الاستغلال أو الإثارة الرخيصة. تم التركيز على تقديم قصة مؤثرة تحترم كرامة الضحايا وتعكس حجم المعاناة التي تعرضوا لها.
من المتوقع أن يستمر “وحش حولّي” في إثارة النقاش حول قضايا الجريمة والعدالة والمسؤولية الاجتماعية. وستراقب الأوساط الفنية والإعلامية ردود الفعل على الفيلم وتأثيره على الوعي المجتمعي، خاصةً في ظل انتشار الأعمال الفنية التي تعتمد على قصص واقعية. يبقى السؤال حول المعايير الأخلاقية التي تحكم ترميز قضايا مماثلة قائماً في سياق الإنتاج الدرامي.













